حضرة الأستاذ أحمد أمين بك وكنت لم أتشرف بمعرفته بعد، فقال لي (أنه حضر إلى القدس وهو يسعده أن يقابلني) فلما سألته أين ينزل حتى أقوم بزيارته أولا، لم يشأ أن يعلمني بالمكان الذي نزل فيه وإنما اخبرني أنه سيحضر لزيارتي في الساعة الثالثة. ولما حضر في الموعد قال لي (أعذرني لما سببته لك من متاعب).
قلت له (لا محل للاعتذار إذ أنني لم أتعب نفسي لشيء بعد) وهنا التفت إلي وقال أنه مستعد لإلغاء المحاضرة إذا كان الاستمرار في مواجهة الحالة القائمة قد يسبب متاعب لي.
قلت له:(أننا غير مسئولين عما تأتي به الأقدار، ولقد وضعنا في هذا الموقف فعلينا أ، نقبل به ونسلم، وأن نواجه المتعنتين بالمنطق الذي يتفق مع الموقف).
وهنا قلت له:(ترى لو دعي مبشر للخطابة عن المسيحية في مسجد إسلامي، أتظن أنه يترك هذه الفرصة تفلت من بين يديه؟ أقول هذا وقد اطلعت على ما نشر عن بعض المبشرين الذين أقحموا أنفسهم ومن غير دعوة سابقة، فتقدموا للخطابة وسط الجماهير الإسلامية عند انتهائهم من صلاة الجمعة، فكانوا في موقفهم هذا دعاة يدعون إلى دينهم بطريقة لا يستسيغها العقل. ومع ذلك فنحن مدعوون، فكيف نعتذر عن انتهاز فرصة مثل هذه؟ أما من ناحيتي فقد عزمت على تقديمك بكلمة وسألقيها على كل حال). فلتفت ألي وقال (نعم ليس من الرجولة في شئ أن نعتذر الآن) قلت (أنني أن أتردد من تقديمك ولكني أن أعلمك بأن تقديمي سيأتي في كلمة أطول من المعتاد. حتى أرد على هذه الحملة القائمة والتي أعتبرها هامة جداً في نظري بحيث إذا لم أوقف في الرد عليها فلن أستطيع أن أقوم بأي عمل إنشائي في هذا الحقل العربي هنا).
وافترقنا بعد أن أعلمني أنه سيلقي كلمة في نادي مدرسة روضة المعارف الإسلامية (لا جمعية المقاصد الإسلامية كما ذكرها عزته في الصفحة ٢٤٧ من كتاب (حياتي) فإن جمعية المقاصد الإسلامية هي في بيروت وليست بالقدس) وسئقدمه هناك لجمهور المستمعين المسلمين حضرة الأستاذ حسن الأستاذ حسن أبو رحاب.
وجاء موعد المحاضرة في دار جمعية الشبان المسيحية، وهي دار جمعية الشبان المسيحية، وهي دار فخمة متسقة الأرجاء - أرجو أن يكون للمركز العام للشبان المسلمين مثل هذه الدار في مدينة القاهرة - وقد خصص لالقاء المحاضرة البناء الذي يشغله المسرح،