فامتلأت مقاعد بالمحاضرين وتقدمت بإلقاء كلمة لا أجد غضاضة في نفسي من نشر بعض مقتطفات منها. وقد حدث فعلاً أن الجرائد العربية التي وجهت اللوم إلينا نشرت في أعدادها الصادرة في يوم الجمعة ٢٤ يناير وفي مقدمتها جريدة اللواء وجريدة الدفاع كلمة التقديم وأشارت إليها وإلى أهميتها كما نشرت بقية الجرائد العربية مقتطفات من هذه الكلمة. ومن تلك اللحظة شعرت بان صلاتي مع هذه الكلمة. ومن تلك اللحظة شعرت بان صلاتي مع الجرائد العربية في فلسطين قد دخلت عهداً جديداً من الثقة والتفاهم والتعاون. وأحاطني الكثير من أهل الرأي بتشجيعهم وعطفهم.
وأنى أنقل للقارئ بعض ما جاء في مقدمة هذه الكلمة لأنها من أثمن ما اعتز به في حياتي:
قلت: لقد جاء الإسلام بدعوة عالمية، نشرت بين الناس ديناً وتعاليم وأفكار، جاء بدعوة نفخت فيهم روحاً جديدة، جعلتهم يلتمسون صلاح آخرتهم بإصلاح دنياهم، حينما أخذوا يتطلعون إلى حياة أرقى بما كانوا فيها، حياة يطمئن إليها العقل ويرتاح إليها الإيمان.
ولم تمض غير سنوات قليلة على أتباع هذه الدعوة وأنصارها، حتى أصبحوا قوة هائلة أخذت تفرض نفسها على جزء كبير من العالم المعروف وقتئذ.
فأثرت في حركته وسيرة وتطوره، وبرزت قوة الإسلام في تاريخ الإنسانية واضحة ظاهرة لا يمكن إخفاؤها أو التقليل من شأنها.
ومنذ ذلك التاريخ لفتت هذه الدعوة الأنظار، وأخذ الباحثون ينقبون عن منشأ هذه الحركة، ويتعرفون أسباب نجاحها وانتشارها ومدى أثرها وسر بقائها إلى اليوم.
(والإسلام ككل حركة عالمية، انقسم الناس في الحكم عليه إلى فريقين: فريق يشمل أصدقاءه وأتباعه وأبصاره ومن أراد أنصافه من غير أهله. والفريق الآخر يجمع الخصوم والأعداء أو الذين لم يجدوا في أنفسهم، ما يدفعهم إلى التعرف على محاسنه أو الافرار بتراثه).
(فمن أولى البديهيات أن نعمل على أ، يتعرف غير المسلمين حقيقة هذه الدعوة ومراميها وأهدافها وما أحدثته هذه الرسالة من نتائج).
(ومن أحق من أهلة أن يحدث الناس عنه؟ وأن يظهروا محاسنه؟ وأن يزيلوا ما علق خطأ بأذهان الناس عنه؟ نتيجة دعاية الافتراء عليه والتسليم بعدم إنصافه.