والاسميين من فلاسفة المسيحية في القرون الوسطى. قال (القديس أنسلم) وهو من الواقعيين الأفلاطونيين (الكليات أسبق من الموجودات) وقال (كما أن الفكر هو الواصل بين المرء نفسه، فكذلك المثل هي الواصلة بين الله وذاته) الله مصدر كل معرفة هو الحق الأسمى الذي يخلق كل حق، وهو الطيب الذي يمنح كل طيب، والمطلق الذي منه وحده ندرك النسبي الذي لابد لنا من نماذج سابقة عليه نتمثلها حتى توازن أو نحكم. وهكذا بإدراك النسبي اتخذ أنسلم برهاناً مباشراً على المطلق وهو الله.
وعارض هذه النزعة جماعة الواقعيين الأرسططاليين من أشهرهم (ألبرت الأكبر) و (توماس الأكويني) و (دنز سكوتس) وقالوا بأن ليس للكليات وجود جوهري خارج الأشياء، بل هي - كما يقول أر سطو - لا توجد قبل الأشياء وإنما في الأشياء , وبذا لانهار القول بالمثال. والقديس (توماس الأكويني) يميز العقل والنفس التي هي الملكة العليا للمعرفة والحدس، وإن كان أصلها في طيعة النفس واحداً.
أما الأسميون فقد رفضوا المعاني العامة، وقالوا بأن العقل ما دام بالقوة فلا يمكن أن يفضي إلى الإيمان. منهم (وليام الأخامي) الإنجليزي (القرن ١٤)، وعنده أن العالم في العقل لا في الأشياء، وأن ليس للمعاني وجود في عقل الله، ولا سبيل إلى المعرفة إلا الحدس بنوعية الحسي والوجداني. ولما كان الحق نسبياً وقائماً على الحدس الشخصي فليس للعقل إذن وجود مطلقاً.
ولقد اهتم فلاسفة الإسلام بنظرية العقل متأخرين، فتح الباب لهم (الكندي) في رسالة (معنى العقل عند الأقدمين) وتبعه (الفارابي) في (مقالة في معاني العقل) وعالجها (ابن سينا) في الصدور أو الفيض، وكذلك (الغزالي) في معظم كتبه وأهما في هذا الباب (معارج القدس في معرفة مدارج النفس) وكذلك (ابن رشد) في (منهاج الأدلة).
وهؤلاء جميعاً حولوا عقل أر سطو إلى عقل إسلامي، جانبه الفلسفي معروف، أما جانبه الإسلامي فأصله الديث المروي (أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز إلى منك، بك أعز وبك أدل، وبك أعطي وبك أمنع). وقد ذكر الشهر ستأتي أن الحايطية - أصحاب أحمد بن حايط المعتزلي - أولت حديث رؤية الله يوم القيامة بأنه العقل الفعال أو العقل الأول الذي يعنيه الحديث.