(هنري روبير) كتاباً بهذا الاسم. وفي فرنسة مكتبة حقوقية أصدرت مجموعة سنوية كبرى تسمى قضايا العالم الكبرى '
أما كتاب القضايا الكبرى في الإسلام الذي أنا بسبيله في هذا الحديث فهو للأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي. ويمتاز هذا العلامة من زملائه الأعلام الأزهريين بأنه يجمع العلم الديني إلى الأدب الإنساني. فقد أذكر أن له رسالة قديمة كتبها في أبي العتاهية الشاعر العالمي درس فيها حياته وشعره، كما نشر ديوان الهاشميات لشاعر العصر المرواني الكميت بن زيد الأسدس بتحقيق دقيق، ورأى رصين.
وكتابه عن القضايا الكبرى في الإسلام يبدأ بعصر الرسول فيصور مؤثرات المنافقين، وقذف عائشة وطلاق زينب، ويتحدث عن مجرمي الحرب في فتح مكة. وإذا هزني حديث الإفك فجعلت أتململ على مثل النار لما اعترى عائشة من الحزن يوم ذاك، فإني ليهزني ذكر الخوارج الصلاب الشداد، وقد وقفوا يوم التحكيم مثل أسود لا تخدعها الثعالب، فراحو يهتفون: لا حكم إلا الله. حتى إذا انحدرت في قراءة هذا الكتاب إلى عصر بني أمية والمروانيين راعني مقتل سعيد بن جبير. إذ يعرضه الأستاذ الصعيدي أذهب مذهباً يخالفه في أمر سعيد بن حبير، فإن قلق الحجاج كان لا يزال يعاود خيالي فأنصوره وقد قتل أزهد عالم في الإسلام، وأوعى فقيه من التابعين لعلوم الدين. ثم أتصور هبوبه من نومه فزعاً مرتاعاً يصيح في خدمه وحشمة في قطع من الليل منبهر الأنفاس، يخيف الحراس فيقول صائحاً:
- لقد رأيت في المنام ابن جبير يقول لي: كيف قتلتني يا حجاج وكأنه كان يأخذ بعنقي ليخنقني.
لكن المؤلف مد بيانه، وبرهانه، إلى رأيي فبدل ما كنت أذهب إليه من مذاهب في شأن ابن جبير، فلقد أفسدت السياسة علم هذا الحنيف كان والياً على عطاء الجند سنة ثمانين من الهجرة في جيش جهزه الحجاج لغزو رتبيل ملك الترك مما وراء النهر بعد فارس. وولى عليه عبد الرحمن بن الأشعث الكندي. فلما توغل عبد الرحمن في بلاد وطاع له العباد اجترأ على الحجاج فحلع طاعته وطاهرة على ذلك ابن جبير، وكان ابن الأشعث الكندي خواناً حين ارتد على المسلمين يقاتلهم ويسد عضد أعدائهم يوم الفتح. وقد جرت حروب