على مذهب أن فعل الشرط هو الذي يجزم الجواب وهو غير الرأي الذي عليه التحقيق إذ يلزم أن يكون الجواب معمولاً لأداة الشرط لفظاً ولا تقديراً. والجزم وليس قوة ميكانيكية. . . بطل تأثيرها إذا انتهى إلى فاصل لا يتأثر بها فلا تتعدى إلى ما وراء هذا الفاصل. ثم أن فعل الشرط إذا كان مضارعاً مبنياً كان كالماضي في عدم ظهور الجزم فيه ومع ذلك لا يرفع الجواب بعده. فبطل هذا الرأي كله.
(٨) إن القرآن الكريم وهو أفصح الكلام لم يأت في رفع الجواب مطلقاً بل جاء بالعكس في قوله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها. وقوله تعالى من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها فيخلص من كل هذا أن أقوال النحاة ساقطة كلها وأن الأساس الذي ينبت عليه من السماع مجهول لم يأت به أحد وأنه لم يفرق لأحد منهم عن علة مقنعة في زعمهم رفع الجواب بل عارض بعضهم بعضاً، ومتى تعارضت الأقوال تساقطت. وأن الأصل الصحيح الذي بين أيدينا وهو القرآن الكريم ينكر هذه القاعدة فلم يأت بها ولا مرة واحدة وأتى بخلافها مراراً، فكيف يكون التأويل بعد هذا وما هو الوجه الصحيح وكيف يدفع السماع الذي نصوا عليه وكيف يكون الدفاع عن هؤلاء النحاة وهم قد عجزوا عن البرهان القاطع؟) آه
هذا قليل من كثير من آراء شيخنا الرافعي رحمه الله في الاجتهاد اللغوي نجتزئ به اليوم ولعل الله يعيننا على أن نأتي يوماً بكل آرائه وأن نحصى كل ما وصل إليه باجتهاده.