للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع هذا فإن العقل يدعى معرفة الحياة وما وراءها ويدعي الحرية والطلاقة، أليس في هذا مرة أخرى دليل على أن العقل كلما ازداد وثوقاً بنفسه ازداد وهما لو كان لدينا محك للنظر لاستطعنا التخلص من هذا الوهم، ولكن شاء العقل أن يتوهم من نفسه مقياساً على نفسه. ولو أن الغزالي عرف سبب حيرته ما بقى في حيرة كما يقول في (المنقذ من الضلال) ولكن يجب على العقل أن يعرف حدود نطاقه فلا يتعداها، وما أشبه العقل - كما يقول ابن خلدون - بميزان الذهب في دقته، فهل من العقل أن يتخذ هذا الميزان المرهف الحساس في وزن الجبال؟ كذلك يجب ألا يتطال العقل على الآفاق الإلهية فيدعى معرفتها ويقتحمها في ادعاء صارخ.

اصطحب موسى الخضر فعلمه ثلاثاً هي في حدود العقل مرذولة ولكنها في علم الله غير ذلك، وحسب الإنسان (ترضية فكرية) تطمئنه في عجاج الحياة، فلئن هفاً إلى ما فوق الحياة فلن يكون كموسى عليه السلام إذا تجلى ربه للجبل فحر موسى صعقاً.

محمد محمود زيتون

<<  <  ج:
ص:  >  >>