حمل الفرنسيين على التعقل وعدم الوقوف في وجه الثقافة المصرية المتجهة إلى شمال أفريقية، تلك البلاد التي تجمعنا بها روابط لا انفصام لها.
مسابقة مختار في النحت والتصوير والرسم
احتفل يوم الثلاثاء الماضي بافتتاح معرض الأعمال الفنية التي قدمت إلى مسابقة مختار في النحت والتصوير والرسم، وهي المسابقة السادسة عشرة التي أقيمت لتخليد ذكرى مثال مصر الأول، وذلك في متحف الفن الحديث بشارع قصر النيل بالقاهرة. وقد استقبلتنا في مدخل المتحف بالحديقة تماثيل مختار نفسه معبرة موحية، كأن الفنان العظيم هو الذي يستقبلنا في الاحتفال بذكراه. .
والمعرض يحتوي على ثلاث مسابقات، الأولى في النحت وموضوعها (اللاجئون العرب) والثانية في التصوير الزيتي وموضوعها (الطفولة المتشردة) والثالثة في الرسم، ولم يحدد لها موضوع، ولكن رسومها تتجه أيضاً نحو الطبقات المعذبة، وقد فاز بالجائزة الأولى فيها رسم يمثل فرقة من الشحاذين يشاركها في طعامها التافه كلب على طوار بجوار مسجد، فالمعرض كله يصور البؤس والألم فهو جدير بأن يسمى معرض البؤساء
وأعمال هذا المعرض متوسطة، وبعضها جيد، وهي وإن كانت خالية من الروائع الفنية الممتازة التي تستوقف المشاهد وتستحوذ على إعجابه، إلا أنها ذات أصالة، لعراقة موضوعاتها في بيئاتنا الزاخرة بهذه الصور، فليس فيها محاكاة أو اقتباس، وهي من هذه الناحية تدل على شخصيات أصحابها وعلى مواهبهم التي تبشر بالخير.
والذي أعجبني في المعرض الصورة التي فازت بالجائزة الأولى في التصوير الزيتي، وهي تمثل أخوين: أخ يدفن وجهه بين ذراعيه المشتبكتين وشعره الأشعث الأغبر ينطق بالبؤس والحرمان وأخت جلست إلى جانبه موزعة بين العطف على أخيها والإحساس بالألم. وأعجبتني كذلك الصورة رقم ٤، وفيها طائفة من الأطفال المشردين يسوقهم شرطي وقد ربطهم بحبل كما يساق قطيع من السائمة إلى المذبح. . . وأمسك المخبر بأسمال أحدهم فبدت سوأته في شكل مؤثر، وهي حركة معبرة بارعة.
أما التمثال الذي فاز بالجائزة الأولى في مسابقة النحت فهو يمثل أسرة من المهاجرين راحلة، وهو تمثال لا بأس به، ولكن أعجبني هناك تمثال (رقم ٢٤) لم يفز بجائزة. . .