روعة الشباب وتزهو في غضارة العمر، تتألق رونقاً يخطف البصر، وتشع جمالاً يسحر اللب، وتنفح عطراً يلفح الفؤاد؛ فوقفت - برغمي - لحظة. . . وأحست هي بي فلم تعرني اهتماماً - بادئ ذي بدء - ثم رأت نظراتي تغمرها بالنهم والرغبة فاندفعت صوب مسكن جاري تغلق الباب من دوني في هدوء.
وانطلقت أنا إلى عملي في حيرة وذهول أسائل نفسي وقد انطبعت صورتها في ذهني، وما في خاطري سوى فكرة واحدة تزحمه: يا لقلبي! إنها تفور شباباً وفتنة، شباباً يعصف العقل وفتنة تزلزل القلب فمن عسى أن تكون؟ لعلها ربة الدار!
وشغلتني الفتاة الجميلة عن عملي فما أنصرف عنها ولا يبرح طيفها خيالي وأنا أحس اللذة والسعادة كلما تراءت لي من خلال تصوراتي تبسم في رضا ورغبة، وأشعر بالضيق والملل كلما بدا لي أنها تدفعني عنها في غير هوادة ولا لين لأنها أغلقت من دوني الباب.
وترادفت الأيام وأنا أحتال للأمر فأنفتح أمامي الباب وتبسطت أسارير وجه الفتاة وخف جماحها، ثم سكتت نفس إلى نفس فاطمأن قلب إلى قلب وأرتبط سبب بسبب. واستبشرت روحي فبدت علي سمات الزينة والأناقة خيفة أن تقع عين الفتاة مني على ما يبعث فيها النفور والاشمئزاز. . . ورحت أتزين كل صباح فأسرفت في الزينة وأتأنق فأفرط في الأناقة، لا أعبأ بنظرات الريبة والشك تنطق بهما عيناً زوجتي الريفية المسكينة، وهي تنضم على أسى عاصف يوشك أن يقد قلبها. . . قلب الأنثى الضعيفة المستكينة. . . ولكنها لا تستطيع أن تكشف لي عن خبيئة نفسها خوفاً مني وفرقاً.
مسكين أنت يا من تطوي عمر الشباب في زاوية من الدار تعكف على خيالات من الفضيلة والشرف، تتعبد لها في خضوع وذلة، ثم لا تغتمر في لجة الدنيا بقلب الرجل ولا تكافح أعاصير الحياة بقوة العزم! مسكين أنت لأنك تعيش عمرك طفلاً في دنيا المردة وضاوياً، في جيل من العمالقة! مسكين لأنك لا تدري أيان تزل قدمك وأنت على حافة الهاوية لا تستطيع أن تتماسك من وهن.
مسكين أنت أيها الريفي الساذج حين تجمح بك نزوات اطيش وقد اكتملت رجولتك واستوى عودك وتجاوزت سن الحمق، فتسول لك نفسك أمراً فتطاوع أهواء قلبك فتطير في إثر فتاة المدينة. . . فتاة الشارع، فتصرفك عن الدار والزوجة والولد، وتسلبك هدوء النفس وراحة