وجذبتني ابتسامة الفتاة فانطلقت على آثارها أسلس وأنقاد، فسيطرت على قلبي وعقلي معاً، فما استطعت أن ارتدع عن غي، ولا أن أرعوي عن شطط، يوم أن علمت أنها زوجة جاري الذي لا أعرفه.
وتلاقينا على ميعاد في منأى عن الرقيب، نرشف معا رضاب الهوى المحض على حين غفلة من زوجي ومن زوجها، لا أحس الضعة ولا الخسة، ولا تستشعر هي سفالة الخيانة والسقوط. . . تلاقينا معاً في كنف الشيطان وقد مات فينا الضمير والشرف والكرامة جميعاً.
وغبرنا زماناً أخاتل زوجتي وتخدع هي زوجها. ولمست فيها الرقة والظرف فوجدت إلى جانبها السعادة التي افتقدت منذ زمان. وخيل ألي أن في حديثها رنات لحن موسيقى تهتز له أوتار قلبي في شدة وعنف، وأن في عينيها شعاعاً آسرا يجذبني إليها بأمراس، وأن في دلالها معاني من أسوار السجن تلفني في ثناياها فتحجبني عما عداها؛ فاستسلمت في رضا ولذة. على حين قد استحالت داري إلى مكان بغيض، واستحالت زوجتي إلى فتاة كريهة، وباء ابني مني بالإهمال والهوان.
وتواعدنا - ذات مرة - أن نتلاقى أصيل يوم معلوم من أيام الربيع، وكنا إذا تواعدنا لا نختلف في الميعاد، وجاء اليوم الموعود فخف قلبي للقيا الحبيبة، وهفا فؤادي نحو الحديث الساحر واشتاقت نفسي إلى اللذة الحرام فقضيت ساعات الضحى خفيف الحركة مشرق الوجه طلق المحيا، يهزني الخيال وتطربني الفكرة. ثم انطلقت عند الظهر إلى داري أهيئ نفسي للسعادة المنتظرة، ورقيت السلم أتوثب رشاقة وطرباً، فما أفزعني إلا صوت صراخ ينبعث مختنقاً من أعماق مسكن جاري. . . مسكن الفتاة التي احب، فدق قلبي دقات الرعب، وبدا على وجهي شحوب الخوف، وران على ذهني اضطراب الأسى، وسرت في مفاصلي رعدة الجزع؛ فوقفت لدى الباب أتسمع.
ترى ماذا عسى أن يكون خلف الباب؟ ووقفت حيناً متردداً انتفض وفي رأيي أن القدر يصنع حادثة ذات بال من وراء الجدار. وسولت لي مخافتي فدفعت الباب فاندفع. . . فإذا أنا أمام الفتاة التي احب، وإذا الخادم الصغيرة تلقى بنفسها بين يدي مستجيرة وهي تصرخ