ح - وأخيراً، من الواجب، ونحن في نهضة وطنية واجتماعية، ألا يكون الواحد منا مادة تنفعل بغيره وبما يكون من ذلك الغير من أحداث. بل يجب أن يكون في نفسه قوة تفعل، قوة لها أثرها الطيب المحمود هنا وهناك.
أن عامة الغربيين يرون فينا، معشر الشرقيين جماعات لم يعد لها كيان مستقل ولا شخصية خاصة، ما دام الكل يرى في الغرب مثله الأعلى، يقلده في كثير من أوضاع الاجتماع وطرائق الحياة. أما الخاصة من رجال الغرب، أعني العلماء الذين لهم بصر يتجاوز ظواهر الأمور إلى حقائقها واللباب منها، فيرون أن هذا الأتباع من الشرق للغرب أتباع ظاهري، ولكن للشرق وراء هذا روحه الخاصة به، هذه الروح التي لا تلبث أن تظهر من جديد ناصعة قوية يفيد منها الشرق والغرب معاً، بعد أن صار هذا الأخير - وقد أنهكت قواه الحضارة المادية بحاجة إلى بعث جديد يقوم على روح ومبادئ جديدة يلتمسها لدى الشرق والإسلام.
فلنبين إذا لعامة الغربيين خطأ ما يعتقدون من أن الشرق أضاع روحه وشخصيته في إتباع الغرب وتقليده، ولنحقق للخاصة منهم، وهم العلماء الذين لهم بصر نافذ وبصيرة ألمعية، ما يلتمسونه لدينا من خصائص في الطابع والشخصية والروح! خصائص لا قوام للشرق بدونها، ولا غنى للغرب عن الإفادة منها.
بهذا، يعود من الممكن لنا أن نحتفظ بما لنا من كيان خاص، وأن نساعد العالم على اجتياز الأزمة أو المحنة التي تطحنه طحنا هذه الأيام. وبهذا نكون قد ساهمنا في تقدم العالم وسعادته، والله ولي التوفيق