للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حاجة إلى بيان هذه التقاليد الأجنبية والضارة التي استشرت فينا، ويكفي الإشارة إلى الحفلات الراقصة، والخمر تقدم في كثير من المناسبات في أوساط إسلامية معروفة.

وفي خارج مصر نجد الأمر يزيد شناعة وخطراً، نجد التشبه بالغرب إلى حد الأنمياع فيه يكاد يكون التقليد لوحيد لممثلينا هناك، وذلك أمر تحققناه بأنفسنا في تلك البلاد. حقاً أن أكثر ممثلي مصر بأوربا لا يكاد يشعر الواحد منهم بأنه يمثل أمة إسلامية شرقية لها تقاليدها الطيبة التي يجب أن تحرص عليها. كما تحرص كلأمة أخرى على الطيب من تقاليدها، والتي بدونها لا تكون لها شخصية أو تكون شخصيتها مذبذبة لا لون لها، وليس بهذا نستوجب احترام الأمم الأخرى التي نعيش فيها ممثلين لمصر الشرقية الإسلامية!

هذا، وإذا كان لا بد لكل حديث من نهاية، ولكل بحث من غاية، فإني احب أن أجمل هذه الغاية في كلمات:

ا - لو لم يكن من غرائز الإنسان أو من طبيعته التأثر بالغير وتقليده، لكان عسيراً كل العسر إن لم تقل لكان متعذراً في كثير من الحالات، أن يصل الإنسان وهو يجتاز مراحل حياته واحدة بعد أخرى إلى كثير من المعارف وإتقان من الأعمال. ولولا هذه الغريزة الطبيعية، أو الظاهرة الاجتماعية، لعز على المربي أن يبلغ بطفله أو تلميذه إلى ما يريد له من كمال.

ب - ولكن ينبغي أن نحذر في الإفادة من هذه الغريزة فلا نسرف في الانفعال بالغير والتأثر به إلى حد تقليده بلا تفكير أو اقتناع. ذلك إثمه أكبر من نفعه، وحسبنا أنه ينتهي بمحو شخصية المقلد وصيرورته تابعاً لغيره في تفكيره وطرائق حياته الاجتماعية على الأقل.

وليس لأحد منا أن يتعلل بما يذكره بعض الأخلاقيين من أن سعادة الإنسان هي أن يحسن التكيف بما تكون عليه بيئته، أي في القدرة على هذا التكيف وإحسانه في غير عتت أو مشقة. إنه لا ينبغي لنا هذا، لأنه فرق كبير بين رعاية الوسط الاجتماعي فيما هو خير، وبين الانفعال بهذا الوسط خير وشره كما هو ملحوظ في حالات كثيرة هذه الأيام. إن هناك من الناس من يغير الواحد منهم رأيه في هذه المسألة أو تلك، بعدد ما يغير من جلساته مع غيره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>