للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يضرب عليها يوسف وهبي في مسرحياته وأيضا سينمائياته، وهي إيجاد مفارقات بين الأغنياء والفقراء، وتصوير الأولين ظالمين مستبدين والآخرين ملائكة بررة على طول الخط، كما في قصص أبي زيد الهلالي من حيث إنه رجل مثالي لا يخطئ ولا ينهزم على خلاف خصمه الزناتي خليفة الذي تسند إليه كل نقيصة لأنه خصمأبي زيد!

ويوسف وهبي ليس من الفقراء، لا أصلاً ولا فصلاً، وإنما هو يعشق الجمهور، فهو يخلع أرستقراطيته طلباً لعطف الجمهور في مصر كما خلع مصريته أمام الجمهور في تونس، بل هو يخلع الفن الرفيع ويصدم أذواق المثقفين لاجتذاب طبقات أخرى من المتفرجين. وهو يعتبر مقياس النجاح - كما قال في مقالاته أخيراً - إقبال هؤلاء المتفرجين وكثرتهم، فهو عندما يذكر آثاره في الفرقة يجعل في مقدمتها أن الإقبال على مشاهدة الروايات كثر في عهده فزاد دخل الفرقة.

ظل يوسف وهبي يقدم في الفرقة المصرية ذلك المجهود، ولكن الفرقة المصرية لم تكن لمثل ذلك، فالغرض الأساسي منها ترقية التمثيل العربي، وليس ذلك من ترقيته في شيء، ولو أن مدار الأمر على الرواج وكثرة الرواد لكان في مثل (شكوكو) غناء وجدوى أكثر من الأستاذ يوسف وهبي بك. ووزارة المعارف - مثلاً - تترجم إلى اللغة العربية أمهات الكتب العالمية التي لا يقبل الجمهور العادي على قراءتها، ولو أنها أرادت إقبال هذا الجمهور لكان في روايات أرسين لوبين وشرلوك هولمز ما يحقق المقصود.

إذن فالسبب الحقيقي لإخراج يوسف وهبي بك من الفرقة المصرية، هو انضمامه إلى الفرقة المصرية. . . فقد أتى به إليها ولم يكن لها ولم تكن له، فلم يكن بد من تنحيته عنها لما تهيأت الظروف واتجهت الرغبة إلى تصحيح الأوضاع. والرجل له طابعه وله جمهوره ويمكن أن يؤدي مجهوداً في مجاله، والمسرح الآن لا يستطيع أن يعيش بدون الرعاية الحكومية، فمن الإنصاف أن يمكن يوسف وهبي من العمل على رأس فرقة تؤلفها أو تعينها لحكومة، ليقدم ما عرف به لمن يطلبه، أما الفرقة المصرية فتحتاج إلى تكوين جديد لتؤدي أغراضاً أخرى.

عباس خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>