والتغلب على أشياء غير منظورة، ولا مفروض وقوعها. وكان كقائد واقعا تحت تأثير الزمن كعامل فعال فكان يطلب إليه إتمام عمل معين بأقصى ما يتطلب من السرعة وفي أقصر وقت؛ وكان يضع خططه ويجهز نفسه لسوق وحدات بقصد احتلال مراكز معينة، فتصدر إليه أوامر من روما بتغيير الخطة والسير بغير إمهال لناحية أخرى، فكان يلبي هذا الأمر ولكنه يسير بوحي نفسه فلا يغير خطته الأولى متحملاً المسئولية إلى النهاية.
قال إن أكبر عوامل النجاح هو التنظيم الذي مكنه من عمل المستحيل والذي بدأ بتفريغ ونقل ملايين الأطنان من الذخائر والمؤن في بلاد لم تستعد لتلقي هذه الكميات الهائلة من العتاد، ثم سار في التغلب على الطبيعة بإنشاء المواني والأرصفة والطرق والكباري وتحريك نصف مليون رجل ودفع ملايين من الدواب وآلاف السيارات. كانت الحرب آلة محكمة الوضع، ولذلك تغلبت على العقبات وأخضعت الطبيعة. وتلمح من ثنايا كلماته: إن أرادته تغلبت في النهاية على أوامر روما وما تحمله من متناقضات وجهل بشئون الميدان، وقرر أن مثل هذه المصاعب أولى مظاهر المشاكل والمتاعب التي تواجه القائد في الحروب، والتغلب عليها أول مظهر لصفات القيادة الحاسمة الجريئة التي إذا وضعت الأقدار بين يديها مقدرات المعارك والحروب فعليها أن تستفيد منها والى النهاية.
أن الأقدار تأتي بها مرة واحدة في حياة الشعوب والقادة ولن تتكرر مرة أخرى فمن العبث التردد والوقوف والتراجع إزاءها لأنها تخضع للمثل اللاتيني القائل.
إن الحظ يبتسم دائما لأصحاب القلوب الجريئة والعزائم الصادقة