بطبيعة الحال ستكون هجومية من جانبه، دفاعية من الجانب الآخر.
ولن تكون حرباً ثابتة وراء الأكمات والحصون والخنادق بل ستكون حرب حركة في أعلى مظاهرها فهي، في حاجة إلى إحكام التدبير والخطط وستحتم احتلال أماكن بعيدة والتوسع في الزحف بشكل غير معهود في السابق بل تفرض أشغال العدو وأحكام المباغتة والاستعداد لأخذ القرارات السريعة الحاسمة وما يستلزم ذلك من الجرأة والثقة في النفس حتى يضمن القائد سرعة التقدم وضمان الوصول إلى الهدف المعين في الوقت الذي تحدده القيادة العامة.
لهذا كله يشير بادوليو في القسم الأخير من كتابه إلى أن أول أمر تستلزمه حرب الحركة والاكتساح هو إيجاد قواد أكفاء ذوي شجاعة للاضطلاع بالمسئوليات الكبرى وليس من السهل العثور على هذه الفئة الممتازة في أي جيش أوربي إذا لم يدرب أفرادها من المبدأ لهذا الغرض وتعطى لهم حرية واسعة للعمل وقت التدريب. وأن يكون الاختيار منصباً أولا على الكفاءة والاستعداد الشخصي فليس كل ضابط يصلح لهذا الاختيار وليس كل قائد لديه الاستعداد الشخصي لمثل هذه الأعمال:
وقد نجح في إيجاد قوة من الضباط الأكفاء من الناحية الفنية أي في القيادة، وفي وضع الخطط للتعبئة وسوق الجيوش، وقد أشرف بنفسه على امتحان معلوماتهم، وعرف عن كثب مدى إدراكهم للأمور، ولذلك مهد لهم طرق الاشتراك في الحرب الحبشية مشيراً إلى أنها الفرصة الوحيدة التي سنحت لهم لإظهار صفاتهم العسكرية الممتازة ومقدار ما وصلوا إليه من معلومات وما أتقنوه من فن عسكري.
وأشار إلى ما لازم إيطاليا من توفيق في تموين جيشها (بكادر) أي مجموعة هائلة من ضباط الصف الذين لهم دراية خاصة ومقدرة على فهم التنظيم والعمل بوحيه وروحه وهي صفات تستلزم المران الطويل ويخلفها ويبرزها التدريب الفني والتربية العسكرية المبنية على أداء الواجب: وقال أن هذا الكادر هو عدة الجيوش المحاربة.
وهكذا استمر المريشال الإيطالي يحدثنا بأسلوبه الشيق ويقول إن الحرب الحبشية كانت تجربة ولكن قاسية دخلتها دولته وخرجت منها منتصرة بفضل العناية التي بذلت في رفع مستوى الجنود والضباط على السواء. وقال أنها كانت في وجهة نظره مواجهة المجهول