ويستمر بادليو يحدثنا عن الحبشة فلا يستهين بها وإنما يقرر أن المعلومات كانت تصل إلى إيطاليا باستمرار من أنحاء البلاد المختلفة عن كل صغيرة وكبيرة فيها وقد أدى جمع هذه المعلومات وتصفيتها بيد الخبراء إلى أن إثيوبيا بوسعها أن تجند قوة محاربة تتراوح بين ٢٠٠ و٢٥٠ ألف مقاتل وأن تحشدها في الجبهة الشمالية وأن تسوق قوة أخرى تتراوح بين ٨٠ و ١٠٠ ألف مقاتل لجبهة الصومال الإيطالي وفي طاقة البلاد تكوين احتياطي من القوات المقاتلة لشد أزر الجيشين: أما ناحية التسليح فقد أتت الأخبار الموثوق بها تقرر أن القوات مزودة بأسلحة حديثة خفيفة ولكنها من عيارات وطرز مختلفة مما يسهل وقوع الأخطاء في استعمال الذخيرة: (يلاحظ أن الدول الغربية كثيراً ما تلجأ إلى هذه الوسيلة بالذات لعرقلة القوة المقاتلة لدى الأمم الشرقية وهي: ناحية تعدد أصناف الذخيرة وتعدد أنواع الأسلحة المختلفة العيارات لما يلازم هذا التنوع من أخطاء في توزيع الذخائر على الوحدات المقاتلة)
وجاءت إلى رئاسة أركان حرب الجيش الإيطالي معلومات دقيقة عن كافة أنواع الأسلحة التي شحنت في السنوات السابقة للحرب من مدافع وبندقيات رشاشة وأسلحة للمشاة، وعدد الطائرات والسيارات المدرعة وما جاء للمدفعية من مدافع ميدان ومدافع مضادة للطائرات - مما أمكن أن يعطي فكرة عن محاولة إنشاء قوة من المشاة على الأقل منظمة على الأسس الأوربية.
ولكن المطلعين على الشئون العسكرية كانوا على ثقة تامة من عجز الحبشة عجزاً تاماً وعدم قدرتها على توجيه أية حملة كاملة الأهبة والاستعداد لاكتساح إحدى المستعمرتين الإيطاليتين. وذكر بادليو تبريرا لهذا العجز سببين أساسيين. الأول مادي راجع إلى طبيعة الأراضي وخلوها من طرق المواصلات التي تسهل الحشد وتمكن من سوق الجيوش وحشدها في أماكن التجمع اللازمة لها
الثاني أنه إذا وجدت هذه المواصلات فالبلاد مفككة داخلياً وظروفها السياسية والاجتماعية لا تمكنها، من أخذ هذا العبء عليها. وأخيراً فهي خالية من كل المسائل المادية والأدبية التي تجعل تجهيز هذه الحملة موضع تفكير.
إذن فهو مطمئن إلى أنه صاحب اليد الأولى في توجيه الحرب الوجهة التي يريدها وهي