بما أقول، اليوم أو بعد اليوم، إلا في مقام الناصح الأمين. وليس مناي - وقد جاوز مثلي الخمسين - بأقل من أن ينصح بما يراه حقاً، وليس إنسان مهما علا قدره بأكبر من أن يتقبل الرأي الحق يتقدم به ناصح أمين.
١ - لطلاب الأزهر في الكليات والمعاهد مطالب يضربون من أجلها عن الدروس فترة طويلة كل عام، ويلحون في سبيل تحقيقها ملتمسين كلما يرون من سبل ووسائل. وهم جميعاً لا يكلف أحدهم نفسه النظر فيما يطلبون: أحق كله؟ أو يلتبس فيه الحق بالباطل؟ وهل رائدهم الإخلاص فيما يرجون؟ أو هي أصابع الفتنة تدفع بهم في غير الطريق السوي؟
ويحاول هؤلاء الطلاب المساكين التماس عون أساتذتهم وشيوخهم فلا يجدون منهم إلا ازورارا وأعراضاً، لأنهم يخافون التهمة بتحريك الطلاب، أو لأنهم لا يعرفون كيف يوجهونهم سواء السبيل. والمشيخة من ذلك في شيء من الحيرة والكرب؛ لا تقدم إلا إذا أشتد الخطب، ولا تقرر إلا تحت الضغط.
ولو كانت الأمور تجري عندنا في الأزهر على استقامة، لكان يسيراً كل اليسر على أولى الشأن في الكليات تعرف ما فيه الخير للطلاب في ثقافتهم ومستقبلهم، والأهداف التي يجب أن يعدوا الإعداد الطيب لبلوغها، ووسائل تحقيق هذه الأهداف. وحين إذ لا يكون الطلاب ما يشكون منه، وما يضربون عن دروسهم من أجله.
ولو كانت الأمور تجري عندنا في الأزهر على استقامة، من الطلاب والأساتذة وأولى الأمر، لكان للكليات (اتحاد) كاتحاد الكليات في الجامعة، ولكان هذا الاتحاد وسيط خير بين الطلاب والمشيخة، ولكان وسيلة يمرن بها الطلاب على المشاركة في إدارة شئونهم، وعلى المسئولية والاضطلاع بها. ولكن كيف السبيل إلى تكوين مثل هذا (الاتحاد)، ومن إليهم الأمر يظنون كل صيحة عليهم، ويرون في تكوين هذا (الاتحاد) بدء ثورة وانقلاب؟! ثم كيف السبيل إلى مثل هذا (الاتحاد)، ومن الشيوخ من يستحل اتخاذ الطلاب الأبرياء وسيلة لقضاء حاجة أو حاجات في نفوسهم! ومن أجل هذا يزور المدرسون عن الطلاب، فلا يرى الطلاب - وقد حرموا التوجيه الصالح - إلا أن يصدروا عن عقولهم التي تنقصها الإحاطة بالأمور، وعن خبرتهم وتجاربهم وهي ناقصة، وعن مطالبهم الخاصة دون رعاية للحق أو