٢ - وبعد الطلاب، الذين شغلتهم الامتحانات والاستعداد لها عن مطالبهم، جاء بكل أسف دور المدرسين والأساتذة.
نعم! هاهي ذي المعركة حامية الوطيس بين فريقي المدرسين في المعاهد والكليات، المعركة التي استعمل فيها كل سلاح وإن رغم الحق! المعركة التي وصل أمرها للصحف والديوان الملكي وللبرلمان أخيراً كل فريق يدافع - على طريقته - عن حقه وكيانه ومستقبله، ويرى كل الوسائل مشروعة ما دامت تحقق الغاية أو تدنى منها. وفيما بين هؤلاء وأولئك تضيع كرامة الأزهر، وتتزلزل سمعته في مصر والعالم الإسلامي كله.
ولو كانت الأمور تجري في الأزهر على ما ينبغي من عدل واستقامة لصدر منذ طويل (كادر التدريس) حين صدر القانون بإنشاء الكليات. وإذاً، لعرف كل من أعضاء هيئة التدريس حقه، ولوضع في موضعه الذي تؤهله له دراسته وكفايته، ولما كان من الممكن أن تقوم هذه الخصومة العنيفة بين الأخوة الزملاء أبناء المعهد الواحد، ولشغل الكل بالبحث والإنتاج العلمي الذي تخلفنا فيه حتى صرنا ساقه بعد أن كنا القادة.
ذلك ما كان يجب أن يكون، لولا اشتغال الرؤساء بالحاضر، يصرفون مسائله في ارتجال، عن المستقبل - حتى القريب منه - يعدون له ما لا بد منه من عدة ووسائل. ولله الأمر من قبل ومن بعد!
٣ - وفي الأزهر اضطراب شديد أيضاً فيما يتصل بعدم تركز السلطان وتصريف الأمور في المسئولين وحدهم بكل مناصبهم، بل صار نصيب كبير من هذا إلى غير هؤلاء المسئولين، فنظمت البلوى وعمت الشكوى.
ولو كانت الأمور تجري عندنا على استقامة، لأنشئ منذ زمن طويل مكتب فني بالرياسة يكون لأعضائه من الثقافة والكفاية والروح الأزهرية والحب للصالح العام، مما يجعلهم أهلاً بحق لاقتراح المشروعات التي تفيد الأزهر، ولبحث ما يحال إليهم من مشاكل، ولتقديم المشورة الطيبة فيما يجد من أمور.
ولو كانت الأمور تسير عندنا على ما ينبغي، لوضعت منذ طويل قواعد عامة للنقل للكليات، ولكان من هذه القواعد ألا ينقل مدرس - مهما كانت درجته العلمية - من الثانوي