لكلية من الكليات إلا إذا شهد له بالعلم والبحث مؤلفات منشورة
ولكن؛ منع من هذا وذاك فيما مضى، وربما يمنع منه أيضاً هذه الأيام وفي المستقبل، ما ركب في النفس من حب الاستثئار بالبت في كل أمر وبالإعطاء والمنع، ولعل الله ينظر للأزهر نظرة رحمة فيغير من هذا كله.
٤ - وقد نظر الله للأزهر في بعض ما مر به من عهود، فألهم القائم بأمره حين ذاك - وهو المغفور له الأستاذ الشيخ المراغي - أن يرسل بعوثاً لأوربا يقبسون من علم الغربيين وطرائقهم في لبحث والدرس! ومضى الزمن، وعادت البعوث من فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وانتظر الناس أن ينتقل الأزهر خطوة إلى الأمام؛ وحق لهم أن ينتظروا في ثقة واطمئنان. ولكن، ها هو الزمن يمر، وهلا هو الأزهر في جملته يسير نفس سيرته قبل أن يكون له أعضاء بعثات جمعوا بين ثقافة والشرق والغرب. نعم! ها هو الأزهر لا يزال كما نعهد من قبل في مناهجه وطرائق التدريس فيه وعدم غنائه في علوم الدنيا والدين.
ولماذا؟ لأن المشيخة لم تحب، ولا تحب، أن ينتفع الأزهر بمبعوثيه، لأنها لم تحب، ولا تحب، أن تستعين بهم - كما تفعل الجامعة ووزارة المعارف - في التوجيه الصحيح في المعاهد والكليات؛ لأنها لم تحب، ولا تحب، أن تجعل لهم الإشراف على ما يواجه الأزهر هذه الأيام من الاتصال الشديد بالعالم الإسلامي والعالم العربي في أوربا وغير أوربا.
وبهذا، صار للأزهر شكل الجامعة، دون أن يكون له حقيقتها، ما دام لا يسير على نظم الجامعات! وصار له أعضاء بعثات حازوا أكبر الدرجات العلمية من الأزهر ومن أوربا، ولكن لا يحاول أن يفيد منهم! وأصبح من العبث إرسال بعثات أخرى، نكلف أعضائها كثيراً من الجهد وتنفق عليهم كثيراً من المال، حتى إذا عادوا تركوا دون الإفادة منهم كإخوان لهم من قبل!
إن الأزهر لا يسير منذ سنين طويلة في الطريق الصحيح؛ وتلك حقيقة تعرفها الأمة وقادة الرأي فيها، كما يعرفها الأزهريون أنفسهم. وإن من دلائل ذلك ما نراه من تخلف الأزهر في ميدان الإنتاج العلمي، حتى حين يتصل بالتراث الإسلامي. وإن من دلائل ذلك عدم القدرة حتى الآن على عرض الإسلام عرضاً سليماً واضحاً يجد فيه العقل رضى والقلب هدى، ونتعرف منه الرأي الحق في المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تنوعت كثيراً