للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طبيعة الإنسان لها الحق في كل شيء يتعلق بوجوده وسلوكه، حتى إذا قام للمجتمع كيان، عانى هذا الحق تحديدا لا بد منه وقد يصبح هذا التحديد خطيراً ما لم تفسيره صيغة الحق والصيغة الوحيدة لهذا التحديد المطابقة للعدالة والعقل معاً هي حق كل فرد في نصيب من الخيرات التي يستطيع أن يمارسها عن طريق العمل والخدمات العامة.

وبتحليل هذا الحق الطبيعي ينتهي إلى عنصرية: الحرية المطلقة، والملكية المطلقة، ولكن هذه الحقوق من غير شك تفترض تبادل الواجبات. واجب العمل، وواجب احترام الغير، وواجب العمل على خير الغير. وعلى ذلك ينبغي أن يكون القانون الوضعي تفسيراً لهذين الجانبين من الحق الطبيعي. وهكذا تنتظم الروابط بين الأفراد بعضهم بعضا، ولكن يبقى تحديد موقفهم من المجتمع ليكون الحق العام متمشياً مع الحق الطبيعي غير متعارض معه، وهذا يتطلب تنظيماً.

عالج الفيزيوقراطيون هذا التنظيم، ففي الاقتصاد (ترتيب طبيعي) هو موضوع البحث في المجتمع. وفي الاقتصاد قوانين طبيعية، معرفتها أمر ضروري، وكاف لإقامة نظرية الإنتاج، ونظرية الاستهلاك، وهما النصفان اللذان يتألف منهما الاقتصاد.

ولم يكن (شارل جيد حين قال (أداء الواجبات، واستغلال الحقوق، وإرضاء الرغبات، تلك هي الأغراض الثلاثة المختلفة للنشاط الإنساني، والأخير منها موضوع علم الاقتصاد، ولذا نستطيع القول بأن الاقتصاد السياسي له أن يعالج الروابط بين الناس العائشين في مجتمع من حيث تعمل هذه الروابط على إرضاء رغبات الحياة المتعلقة بالجهود العاملة على تزويد الجميع بالثروة المادية).

والأرض هي أساس الاقتصاد، والقاعدة التي عليها يرتكز، وحسب الفيزيوقراطيين أن يشاهدوا الطبيعة وأن يستمعوا لها، فهي وحدها التي تفسر توزيع الدخل، ودورة الثروة، وقوانين المحصول الصافي وغير ذلك. ومن كل هذا استنبطوا نتائجهم، وإن كانوا فيما بعد قد ظنوا أن القوانين التي يجب أن يتوجهوا إليها، واضحة وضوح القوانين الطبيعية.

لقد تردد ذكر (الطبيعة) طوال القرن الثامن عشر. فعلى أي وجه ردده الفيزيوقراطيون؟ إنهم اعتبروا في الطبيعة جانبا ماديا، وأرادوا أن يربطوا القوانين الأخلاقية والقضائية بقوانين فيزيقية ربطا مباشرا. يقول (ميرابوا (لقد عولج الحق الطبيعي باعتباره حقاً عقلياً

<<  <  ج:
ص:  >  >>