للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دون التفكير في خضوع قوانين النفس لقوانين فيزيقية متصلة بها اتصال الجسم بالروح)

وهنا تختلف وجهة نظر الاقتصادي، عن وجهة نظر الأخلاقي، فهنا يريد (ميرابو) الانتقال مما هو مادي إلى ما هو أخلاقي، وذهب إلى القول بأن (الناس تحكمهم الأشياء) ` ` هذه الأشياء عند (ميرابو) هي (الحبوب) إذ يقول (وكما أن حبة القمح مرآة تتحدث عن حكمة الخير الإلهي وعظمته ولطفه، فكذلك هي مرآة تتحدث عن الكواكب والعوالم إلى ما ينتهي، فينبغي كشف عظمة القوانين الإلهية بفخامة القوانين المادية).

وهذه النزعة - وإن بدت مادية - إلا أنها فكرة فلسفية قال بها من الفلاسفة من قال بالعناية الإلهية، وكذلك من اعتبر دورة الثروة كالدورة الدموية، من حيث لها قوانينها الطبيعية في الحياة الإنسانية.

وهنا نتساءل: لماذا أهتم الفيزيوقراطيون بالطبيعة والقول بالعناية الإلهية! الجواب سهل يسير، ذلك أنهم رأوا في الطبيعة قوة أسمى من قوة الإنسان، لأن عمل الإنسان تافه، أما الطبيعة فذات قوى منتجة هي عمل إلهي، ونوع من المنحة والنعمة.

وجد الفيزيوقراطيون إذن في القوانين المادية قوانين إلهية، واستطاعوا في جرأة وإقدام أن يربطوا بين النظام الأخلاقي والنظام الفيزيقي، لأن في نفوسهم استحساناً له مفعوله فيها، ويفسر (كسني) ذلك بقوله: (المقصود بالنظام الفيزيقي هو المجرى العام لجميع الأشياء الفيزيقية، أي هو النظام الطبيعي الأكثر نفعا للجنس البشري. وبهذا القول نكون قد وفقنا على جوهر المذهب الفيزيوقراطي، إذ القاعدة العامة لكل فعل إنساني تنطبق على أنفع نظام فيزيقي للإنسان وهذه القواعد كلها تكون قانوناً طبيعياً، واضعه الله، وهذه القوانين ثابتة دامغة، وهي أحسن ما يمكن أن يكون.

بفضل هذا الاستحسان استطاع الفيزيوقراطيون أن يقربوا بين القوانين الطبيعية الضرورية وبين القوانين الفيزيقية وأفهمونا بذلك الحقوق الطبيعية.

وكان مذهب الأحرار منطوياً في مبدئهم العام والخاص على وجوب ترك القوانين الاقتصادية حرة طليقة، وعلى ترك الباب مفتوحاً للتجارة الحرة، فاشتهر في الأوساط الاقتصادية مبدؤهم المشهور أي (دع القوانين تعمل، ودع التجارة تمر) وكان أيضاً داعياً إلى القوانين الطبيعية، والحقوق الطبيعية، ومستتبعاً لنظريتهم في الطبقات

<<  <  ج:
ص:  >  >>