للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النهمة من جهة، والطائفية الغالبة من جهة أخرى، فإذا بالفيزيوقراطيين - وهم الساعون إلى الحقوق الطبيعية والمنادون بالحرية - يعملون على انحلال اجتماعي خطير، بإقامتهم حواجز وفواصل بين الطبقات لا تعاون بينها ولا تضامن.

تطور المذهب الفيزيوقراطي - شأن كل مذهب - إلى لون سياسي اقتصادي في آن واحد، يناهض الاشتراكية، وتوارثته الأفكار حتى انحدر إلى أتون الثورة الفرنسية، وأجج نيرانها وعارض فلاسفة القانون.

قال (منتسكيو) بالسلطات الثلاث، وألحقها (روسو) بالإرادة العامة، وحقا استنكر الفيزيوقراطيون الحكم الاستبدادي غير أنهم التمسوا العذر لإمبراطور الصين المستبد لأنه في ساعة معينة من السنة يضع المحراث بنفسه بالأرض يحرثها.

ومهما يكن من شئ، فقد كانت هذه الأنظار الفيزيوقراطية إرهاصا بمجهود فكري مجيد، احتمله فلاسفة الإصلاح، وعلى رأسهم (روسو) و (هوبز) و (متتسكيو) وقد أفادوا من المذهب الفيزيوقراطي أصوله السياسية كالحقوق الطبيعية، وأصوله القانونية والاجتماعية كالإرادة العامة، وساروا بها شوطاً بعيداً حتى جاء (دوركيم) زعيم المدرسة الاجتماعية الفرنسية الحديثة، فعمل على تجريد البحث الاجتماعي من الجانب النفعي، وضم البحث الاقتصادي إلى فروع علم الاجتماع البحت، واكتشاف القوانين الصارمة، ورسم البرامج لذلك كله.

محمد محمود زيتون

<<  <  ج:
ص:  >  >>