للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لا فضل للزراعة على غيرها من هذا الاعتبار. ولذا لم يتردد (آدم سمث وغيره في اعتبار الصناعة عملاً منتجاً، بل أول عمل منتج، وأكثر من ذلك فإن الخدمات حتى الفنية منها لم يتردد الاقتصاديون في اعتبارها أعمالاً منتجة.

وإذا كان رأيهم في الزراعة - على النحو الذي بينا - يمثل المذهب الاقتصادي لمذهبهم، فثمت مظهر اجتماعي له، يمثله رأيهم في طبات المجتمع، وهو نتيجة محتومة للنظرة الاقتصادية.

فكما أن ما عدا الزراعة - في نظرهم - عمل عقيم، فكذلك كل طبقة ما عدا الزراع طبقة عقيمة. ولما كان الفلاح هو المساعد المباشر للقدرة الإلهية، وممون الأمة جميعها، فهو وحده الذي يستحق أن يندرج في قائمة المنتجين. يقول (ميرابو) في هذا (إن الرجل الذي يجتهد في استخراج محاصيل الأرض هو الرجل الأول في المجتمع، فكيف يستطيع الملك والقواد والوزراء أن يعيشوا من غير الفلاح، وإن كان الفلاح يستطيع أن يعيش بدونهم؟)

كل الطبقات - مهما علت أو سفلت - عالة على الفلاح، وليس الفلاح عالة عليهم، وهذا ما سيقرره فيما بعد أنصار مذهب - مثل (سيس) وأنصار الصناعة مثل (سان سيمون) الذي قرر (أن فرنسا إذا فقدت الملك والوزراء فإنها لا تفقد شيئاً ذا بال، أما إذا فقدت النجارين والنساجين والعمال عامة تعطلت الحياة، وفقدت كل شئ). وهكذا يكون قد تابع (كني) و (ميرابو) على نحو آخر.

ما عدا الزراع في الطبقات عقيم، لأنهم لا يأتون - كالزراع - بإنتاج جديد، إذ العامل والعاطل عندهم سيان، وبذا ظل الفلاحون وحدهم المنتجين بمعنى الكلمة.

أما الملاك فلم يلق الفيزيوقراطيون بهم في سلة الطبقات المهملة لأنهم حين أرادوا النهوض بالزراعة، احتاجوا إلى رؤوس الأموال فوجدوها عند الملاك، وبذلك كان مذهبهم مناهضاً للاشتراكية وهم - إذا حرموا العمال شرف الإنتاج في الطبقات المنتجة - كانوا ضد العمالية

وهم - حين أرادوا التقرب إلى الفلاحين واستغلال منتجاتهم - فتحوا الباب لمنح الامتيازات لهم، بعدم دفع الضرائب، والإقرار بأن الفلاحة من الحرف ذات الامتيازات.

وإذا كان من الواجب على الاقتصادي أن يحقق التضامن الاجتماعي بالقضاة على الفردية

<<  <  ج:
ص:  >  >>