الأسبان والبرتغال ثم الإنجليز والفرنسيون والهنولنديون. وعلى الرغم من الحروب فقد فاضت خزائن الأوربيين بالذهب والفضة. ثم كانت بذور النهضة الصناعية فترك الصناع اليدويين منازلهم إلى المصانع، وبعد أن كانت الريح والمجاري المائية مصدر للطاقة أصبح الفحم هو المصدر ثم الكهرباء. وقد أدى الانقلاب الصناعي إلى التخصص والتركز، وأدت التغيرات التي صحبته إلى زيادة السكان في العالم من ٥٠٠ مليون نسمة سنة ١٧٠٠ إلى أكثر من بليونين في الوقت الحاضر. ولا شك أن أساس الزيادة هو التقدم والارتقاء من جراء التبادل والاحتكاك.
اكتشف الإنسان الموارد الطبيعية واستطاع أن يستغلها؛ ولم تتغير فقط نواحي نشاطه بل إن البيئة الطبيعية اعتراها التغيير؛ فمثلاً تستجيب الحياة النباتية والحيوانية لذبذبات المناخ والاختلافات الجوية. ويمكن للإنسان أن يتغلب على الصعوبات الطبيعية، فهو يجفف البرك ويروي الصحارى ويخصب التربة المجدبة، بل ويستنبت النباتات في البيوت الزجاجية ويشق القنوات ويفتح الممرات ويطير في الهواء!. ولئن كان هذا يكشف عن قدرة الإنسان على تغلبه على البيئة فإن من الضروري أن يكيف نفسه مع ظروفها. فالمناطق المدارية والتندرا لا تزال كما هي بالرغم من كل ما أمكن الإنسان أن يفعل. إذ يستحيل استنبات الموز في مناطق التندرا (الصحارى الجليدية) أو رعى الرنة في الغابة الاستوائية. وإذ يعتبر الإسكيمو نفسه سعيد الحظ إذا حصل على غذاء كاف ومأوى دفئ، فإن ساكن المناطق المدارية يكافح ليحمي نفسه من الوحوش الضارية والحشرات المؤذية والحرارة المرتفعة والرطوبة العظمى.
إن قدرة الإنسان على الاستفادة من الموارد الطبيعية في تغير؛ ففي الأيام الخالية كانت المجاري المائية مورد الغذاء لكنها كانت تعوق حركات السكان، ثم أصبحت طرقاً هامة فمصادر للري والطاقة وهناك مثل حي للدور الذي تلعبه البيئة في الاقتصاد؛ فمنذ أقل من قرن كانت اليابان أمة أبناؤها ٣٠ مليون نسمة. كان معظمهم يكفي نفسه بنفسه. واليوم يقطن اليابان الأصلية أكثر من ٧٥ مليون نسمة بالإضافة إلى ثمانية وعشرين في إمبراطوريتها الاستعمارية. باستثناء منشورياً وما أخذ من الصين (وهذا طبعا كان قبل الحرب العالمية العظمى الثانية) ومع أن البيئة المحلية هي كما كانت منذ قرن فإنها مع