المماحكات، وهذا الوراق الفاضل من أشهر المشتغلين بنشر الكتب في مصر لكنه يتساهل أحياناً فيختار لتصحيح ما ينشره من غير ذوي الدراية في التصحيح. فلما قام بطبع كتاب الإيضاح اعتمد مصححه على النسخة الموجودة بأعلى هامش تلك المجموعة في طبعة مطبعة السعادة، فلم يرجع في ذلك إلى نسخة خطية من الايضاج، ولم يرجع إلى الطبعة الأولى لتلك المجموعة، فلما وصل إلى آخر الكلام على وصف المسند إليه من الإيضاح لم يجد فاصلاً أفقياً بين الإيضاح وحاشية الدسوقي، وكان ما تحت الإيضاح من هذه الحاشية في تلك الصفحة تتمة لتعليقة في الصفحة السابقة على شرح السعد فأضافها ذلك المصحح إلى كتاب الإيضاح، مع أن سياقه ينبو عنها ومع أنها تتصل بكلام في شرح السعد، فلا تكون إلا من الحاشية الموضوعة عليه، وقد تمت هذه الطبعة من الإيضاح سنة ١٣٤٢ هـ - ١٩٢٣ م، وتناولها الطلاب والمدرسون فأثار هذا التحريف من المشاكل بينهم ما أثار، حتى إني رأيت واحداً منهم يرجع إلى نسخة خطية من الإيضاح في دار الكتب الملكية فلا يجد فيها هذه الزيادة الموجودة في الإيضاح المطبوع، فيضع عليها تعليقاً بخطه مرجحاً فيه أن الزيادة التي في طبعة محمد صبيح أفندي من حاشية الدسوقي.
ولما كانت ١٣٥٣ هـ - ١٩٣٥ م قمت بوضع شرح على الإيضاح، وكان بين يدي من نسخة طبعة الكردي الأولى في أعلى هامش مجموعته، وطبعة صبيح أفندي، فلما وصلت إلى التحريف علمت أمره، وحذفته من الإيضاح في شرحي عليه، وتوالي طبعه ثلاث مرات وأنا أحذف منه هذه الزيادة في ذلك الموضع، وقد أعاد صبيح أفندي طبع الإيضاح بعد أن نفدت طبعته الأولى، فاعتمد على نسختي، وحذف منه تلك الزيادة في موضعها، إلى تحريفات كثيرة كانت في طبعته الأولى.
وأخيراً قام بعض مدرسي كلية اللغة العربية في هذا العام بوضع شرح على الإيضاح، فلما وصل إلى ذلك الموضع منه وقع أيضاً في ذلك التحريف، وهنا موضع الطرافة في هذه القصة، لأن صاحب هذا التحريف وهو صبيح أفندي رجل وراق، وليس مدرساً في كلية، فلم ير شيئاً في أن يقع في ذلك الخطأ، ولا في أن يرجع عنه بسهولة، فيصححه في طبعته الجديدة، أما مقلده في ذلك التحريف فأستاذ مدرس في كلية، لا في معهد ابتدائي أو ثانوي، فلا يصح أن يسجل على نفسه مثل ذلك الخطأ، ولا يصح أن يرجع عنه بالسهولة التي