رجع بها ذلك الوراق، بل يجب أن يتبناه لنفسه، وأن يدافع عنه بما يليق بأستاذ جامعي.
والحقيقة أني استكثرت في أول الأمر مثل هذا على ذلك الأستاذ، واعتراني الشك في خلو نسختي من هذه الزيادة التي تبلغ نحو سبعة أسطر، وكنت قد نسيت بطول الزمن وقوع ذلك في طبعة صبيح أفندي القديمة، فأعدت بحث ذلك من الناحية العلمية، فوجدت سياق حاشية الدسوقي يحتم أنها منها. ولم اكتف بهذا بل أخذت أبحث في نسخة أخرى من شروح التلخيص غير نسختي، فوجدت تلك النسخة التي لم تضع فاصلاً في ذلك الموضع بين الإيضاح وحاشية الدسوقي بمكتبة كلية اللغة العربية. ووجدت بعض من طالعها قام بوضع ذلك الفاصل في موضعه، فعلمت من أين وقع ذلك الأستاذ في ذلك التحريف، ونبهت على ذلك في كتابي - دراسة كتاب في البلاغة - ولكن فاتني أن أرجع أيضاً إلى طبعة صبيح أفندي القديمة، لتنتقل القصة من هذه الطرافة إلى طرافة أعجب منها، ويعلم من بقى من زمننا القديم كيف يكون الإصرار على الخطأ في هذا الزمن الجديد.
فكان نسياني وقوع ذلك التحريف في طبعة صبيح القديمة فرصة سانحة لذلك الأستاذ، ولا يصح أن يترك انتهازها وهو مدرس في كلية، فطلب مني أن أطلع على تلك الزيادة فيها في ذلك الموضع، وإن كان قد جعله في باب التعريف باللام لا في باب الوصف، ولكنه يعرف أن طبعة صبيح ليست حجة في ذلك ولا سيما بعد رجوعه عنه في طبعته الجديدة، فلا بد أن يضيف إلى ذلك نسخة خطية للإيضاح في دار الكتب الملكية، من غير أن يعين رقمها، وهو ممن يعنى بتعيين أرقام المراجع، لأنه يعرف غفلة الناس في هذا الزمن، وسرعة تصديقهم لكل دعوى حتى صار العلم بيننا غريباً ذليلاً لا يجد من يغار عليه، أو يهمه تحقيق مثل هذا فيه، ولكن كان على الأستاذ أن يعرف مع هذا أنه لا يزال في الناس من لم يصل في الغفلة إلى ذلك الحد. ومن يبعث الشك في نفسه عدم تعيين رقم تلك النسخة الخطية للإيضاح في دار الكتب الملكية، إذا لم يأخذ منه بيقين أنه لا يوجد فيها تلك النسخة.
وقد رجعت فعلاً إلى نسخ الإيضاح الخطية بدار الكتب الملكية، فلم أجد ذلك التحريف الذي أدعى وجوده فيها ذلك الأستاذ، ولا يمكن أن توجد نسخة خطية للإيضاح فيها ذلك التحريف، لأن مصدره معروف وهو طبعة صبيح القديمة، وسبب وقوعه فيها معروف