للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تقدير هذه الحقيقة - في أهم أسبابها - إلى اختلاط مفهوم (الفكرة العربية) بأعمال (جامعة الدول العربية) في أذهان الكثيرين من الخاصة والعامة. وبعد ذلك أوضح الفرق بين جامعة الدول العربية) التي تأسست سنة ١٩٤٥ بموجب الميثاق المعلوم، وبين (الجامعة العربية) التي لا تزال فكرة تعيش في أذهان الذين يؤمنون بوحدة الأمة العربية إيمانا صحيحا، قائلا بأن كل من يتهجم على فكرة الجامعة العربية من جراء أعمال جامعة الدول العربية، يكون قد ارتكب ظلماً فادحاً

وأذكر بهذا رأي الأستاذ الحصري أن القوميات إنما تقوم على اتحاد اللغة قبل كل شيء، وقد فصل هذا الرأي وطبقه على نشوء، القوميات بأوربا في المحاضرات التي ألقاها بدار الجمعية الجغرافية الملكية من نحو سنتين، وقد أتخذ من القوميات الأوربية أمثلة خلص منها إلى فكرة القومية العربية التي تقوم على لغة الضاد في جميع بلاد العروبة.

وكان المقال الثاني للأستاذ الذي نشر يوم السبت الماضي تطبيقاً لفكرته في أساس القوميات إذ رد به على حديث لسعادة الأستاذ لطفي السيد باشا أدلى به إلى مجلة (المصور) أيد فيه مصرية المصريين مستشهداً باليونان في تمسكهم بقوميتهم وتحقيق استقلالهم عن الأتراك.

قال الأستاذ الحصري: إن اليونان لم يندمجوا في الأتراك بسبب اختلافهم عنهم في اللغة وفي الدين، وقد تعرضت اليونان بعد انفصالها عن الدولة العثمانية لخطر الاندماج في الشعوب السلافية في أوروبا التي يجمعها بها المذهب الأرثوزكسي، ولكنها تغلبت على الاعتبارات الدينية واستجابت لنداء اللغة والوطن، فاليونانيون مدينون بكيانهم السياسي الراهن - قبل كل شيء واكثر من كل شيء - إلى تمسكهم بلغتهم القومية. وقال: ألا يدل ذلك على أن سعادة لطفي السيد باشا قد حاد عن جادة الصواب عندما استصغر وتجاهل شأن اللغة فساوى بين العروبة وبين التركية خلال دعوته إلى المصرية على أن هناك ما هو أهم من ذلك، فبلاد اليونان لم تستقل كلها دفعة واحدة، فقد استقل سنة ١٨٣٠ أقل من خمس بلاد اليونان الحالية، وظل الباقي ولايات عثمانية ثم أصبحت من الدولة اليونانية فيما بعد، ومع ذلك فإن المفكرين وزعماء اليونان ومفكريهم لم يحصروا مفهوم الوطن الياباني داخل الحدود التي خطتها السياسة الدولية، ولم يقولوا: فلنحصر جهودنا داخل هذا الوطن الذي يرفرف عليه علمنا الرسمي، ولم يتنكروا لهذه الأقطار المختلفة فيخرجوها من

<<  <  ج:
ص:  >  >>