من كلام النحاة ويزعم أنه رأي جديد له! حملته على شيوخ النحو في مصر.
١ - قاعدة التعجب عند النحاة: يسلك الكاتب الفاضل أن القاعدة التي وضعها النحاة لما يسمونه التعجب سليمة لا غبار عليها، وقد طبقت على جزئياتها القياسية المختلفة، وعاد ذلك على اللغة بالخير الكثير، ويسلم أيضا أن هذا هو المقصود من وضع القواعد، وأعتقد أنهم لم يخالف في هذا أحد من النحاة القدامى أو المحدثين، حتى من أهديت إليه هذه المقالة، وهو الأستاذ الكبير إبراهيم بك مصطفى عميد كلية دار العلوم. ولكنه يصب جام غضبه المضري على شيء واحد لا دخل له في قواعد النحو في قليل أو كثير. ذلك الشيء هو تحليلهم صيغتي التعجب وإعرابهما وتسمية هذا الباب بباب التعجب!
لنفرض جدلاً أن النحاة أخطئوا أشنع الخطأ في هذا التحليل وذلك الأعراب مع سلامة قاعدتهم التي بنوا عليها الأحكام النحوية. فهل هذا يستوجب من الكاتب هذه الغارة الشعواء وتلك الحملة المنكرة؟! إني اترك الجواب للقارئ المنصف.
٢ - إذا قلنا: ما أحسن العلم وأحسن به، وما أقبح الجهل وأقبح به، أو قلنا ما أجمل الورد وأجمل به، وما أقبح الشر وأقبح به. فأن الكاتب يزعم أن ليس في هذه الصيغ تعجب البتة، وإنما تفيد الكثرة والمبالغة، ويدعي أن المعنى الأدبي لهذه الصيغ هكذا: العلم حسن جداً، والجهل قبيح جداً، والورد جميل جداً، والشر قبيح جداً. وظاهر أن هذا ليس بتعجب. (فتسمية هذا الباب بباب التعجب تسمية غير سديدة).
الرد - لم يوفق الأستاذ الكاتب لفهم معنى التعجب الذي يعنيه النحاة الأدباء - وكان النحاة في أول عهد النحو علماء بقواعد العربية وباللغة والأدب - ومعناه عندهم كما قال أبن يعيش (ص١٤٢ جـ٧) معنى يحصل عند المتعجب عند مشاهدة ما يجهل سببه. وذلك المعنى كالدهش والحيرة).
ونحن إذا حللنا الأمثلة التي منع الكاتب أن تكون للتعجب وجدنا فيها كلها هذا المعنى التعجبي الذي شرحه العلماء.
فمعنى (ما أحسن العلم وأحسن به) أتعجب من حسن العلم لخلفاء السبب الذي به حسن.
ومعنى (ما أقبح الجهل وأقبح به) أتعجب من قبح الجهل، فقد غاب عني السبب الذي من أجله قبح.