العنصر الأساسي للقضية أو الحكم. هذا الحد المنطقي الذي تتكون منه القضية يخالف العنصر الذي تتألف منه الجملة عند اللغوي وهو اللفظ أو الكلمة. فالمنطقي يطلق على كل واحد من الأسماء الآتية حدوداً: العميد، عميد الكلية، عميد كلية الآداب، عميد كلية الآداب سنة ١٩٥٠. عميد كلية الآداب سنة ١٩٥٠ لجامعة فؤاد الأول. أما اللغوي فلا يقول بهذا بل هو لا يعترف بعنصر الجملة إلا للفظ (العميد) فقط، الذي هو الحد الأول من الحدود المذكورة. وللمنطقي وجهة نظره، وللغوي وجهة نظره.
والإنصاف يقتضينا الفصل بينهما: فاللغوي أوفر نصيباً من الحق، لأن اللغوي هنا وضع اللفظ على قدر المعنى، فالمعنى ثابت واللفظ تابع، واقتضاه المعنى، وليس من البراعة في شيء أن ندل بجملة إشارات على شيء واحد إلا أن يكون عجزاً. وخير الكلام ما قل في اللفظ ودل في المعنى. قال ثعلب:
نسر الهوى إلا إشارة حاجب ... هناك وإلا ما تشير الأصابع
بل يزيد شوقي في التعبير الرمزي دون اللفظي إذ يقول:
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت ... عيني في لغة الهوى عيناك
أما إن كنا نعبر عن المعنى الواحد بألفاظ شتى فليس مما يتمشى مع طبيعة اللغة من حيث هي إشارات إلى المعاني حسب العرف والاصطلاح. ولهذا كلما كان الاختزال في اللغة متبعاً دل ذلك على رقي اللغة وأهلها. فاللغة العربية تضاهي اللغة اللاتينية في هذا المجال خصوصاً في التعبير عن الفعل والفاعل والزمان في لفظ واحد هو أي فعل ولا كذلك الإنجليزية ولا الفرنسية.
وإنه لنصر كبير للإنسانية يوم تزدحم ألفاظ اللغة بأكبر عدد ممكن من المعاني وليت الحاجة التي دعت إلى الإيجاز التلغرافي تعن لنا فنوجز اللفظ حتى يزخر بالمعاني فنتخلص أفراداً وجماعات من الثرثرة والتشدق والتفهيق.
والخلاصة أن النسبة بين اللفظ والمعنى تبدو في إحدى ثلاث: