للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مستقل الرأي حر الفكر غير متأثر بغيره مما دعا أتباع المذاهب الأخرى حينذاك أن يصفوه هو وتلاميذه بأنهم (أهل الرأي).

وتبعه الإمام مالك بن أنس الذي ولد بالمدينة عام ٩٣ هجرية (٧١٣ ميلادية) وعاش ومات بها وسنة ٨٢ سنة وقد أقام نفسه لدراسة الحديث وفق ما كان سارياً بالمدينة وجارياً بين أهلها فكان أساساً لمذهبه وكان الإمام مالك حريصاً أشد الحرص في أحكامه فإذا تشكك في صحة أمر من الأمور قال (لا أدري). وكتابه الموطأ فريد في بابه وهو من أوثق الكتب في الحديث وإن كانت مجموعته صغيرة وقاصرة على الأحاديث المتداولة بين أهل المدينة.

ثم قفاه الإمام الشافعي وهو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ثالث الأئمة ولد بفلسطين عام ١٥٠ هجرية (٧٦٧ ميلادية) وقد قضى أيام شبابه بمكة وعاش أغلب أيامه بمصر وتوفى بها عام ٢٠٤ هجرية. وكان الإمام الشافعي واحد عصره في علوم القرآن وأجهد نفسه في دراسة السنة وتحمل المشاق متنقلاً بين مختلف البلدان باحثاً وراءها. وكان يحفظ المذهب الحنفي والمذهب المالكي ويختلف المذهب الحنفي عن المذهب الشافعي بأن الأول كان يستند دائماً إلى القرآن ولم يركن إلى الحديث إلا قليلاً؛ والثاني كان جل سنده الحديث والسنة. ويمتاز الشافعي من مالك بأن مجموعة الحديث التي استند إليها كبيرة ومجموعة من نواح متعددة بخلاف مالك الذي اكتفى من الأحاديث بما وجده بالمدينة وحدها.

وتلاه الإمام أحمد بن حنبل وهو آخر الأئمة الأربعة؛ ولد ببغداد عام ١٦٤هـ وتوفى بها عام ٢٤١هـ وللإمام أحمد دراسات واسعة في علم الحديث كما هو ظاهر من كتابه الشهير (بمسند أحمد بن حنبل) الجامع لثلاثين ألف حديث - وكان جهد الإمام في جمع الحديث أساساً للمجموعة القيمة التي قام بها ولده عبد الله. وقد رتبت الأحاديث في المسند بحسب اسم الصحابي الذي يرجع إليه الحديث لا بحسب الأحاديث نفسها وغير ذلك فإن الأحاديث الواردة فيه لم يراع في جمعها الدقة التي توخاها البخاري ومسلم في صحيحهما. والواقع أن ترتيب الأحاديث بحسب موضوعاتها يكشف للباحث عن مواطن الضعف ويسهل تعرف أوجه النقد. وهذا أمر غير ميسور إذا كانت المواضيع مبعثرة في مختلف صفحات المجموعة المرتبة أحاديثها بحسب ترتيب أسانيدها؛ وهذا ما جرى عليه أحمد في مسنده فكان بذلك غير موثوق به بالنسبة لمجموعات المحدثين الآخرين وظاهر من مجهود أحمد

<<  <  ج:
ص:  >  >>