للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ضوء موقفك من صاحب هذا القلم وحاضرك معه. . . لقد كان آخر لقاء بيننا هو ذلك الذي لم تشأ أن تودعني فيه إلا بعد أن وعدتك بأن أعود إلى الرسالة. ولقد كان الأمر يهمك حتى لكأن القلم الذي انقطع عن الكتابة هو قلمك، وكأن القراء الذين انصرفت عن لقائهم هم قراؤك. . . وحسبي أن أقف في التدليل على وفائك عند هذا المعنى ولا أزيد!

أما الزيات الصديق فأنت أعلم الناس بما بيني وبينه من قرابة الروح وأصالة المودة. . ولولا هذه الأصالة وتلك القرابة لترتبت على اختلافك الآراء فرقة الوجوه والقلوب، ولكن هذه الفرقة لم تخطر لأحدنا فيبال، لأن اختلاف الرأي كما يقول شوقي العظيم لا يفسد للود قضية!

ولقد كنت أود أن أذكر بعض الخصوم الشرفاء في معرض التقدير ومجال التحية، ولكنني آثرت أن أمسك القلم عن ذكرهم خشية أن يتهمهم بعض الناس. . . بعض الناس الذين لا يقدرون شرف اليد التي تمتد لتصافحك - أنت الخصم القديم - وقد جردت يداك من السلاح! اشهد لقد صافحني بعضهم وأنا مجرد من سلاحي، وهو قلمي. وبذلك انتقلوا من صحراء الخصومة إلى دوحة الصداقة، وضمخوا بأرج العاطفة هذا القلب الذي يذكرهم، ويحمل لك ولهم اصدق الشكر وأخلص التحية.

جيل شهيد:

بالأمس أطلق طالب في كلية الطب رصاصة من مسدسه على أستاذه لينهي حياة تريد أن تهب له الحياة. . . إن دل هذا الحادث على شيء فإنما يدل على أن أخلاق هذا الجيل من الشباب الجامعيين لا تبشر بالخير! ولست أجد في وصف هذا الجيل الجامعي أصدق ولا أبلغ من أنه جيل شهيد. . ولو لم يكن جيلاً شهيداً لما أقدم أحد أبنائه على مهاجمة رجل ما كان اجدره بأن يحني له الرأس حياء من فضله وإجلالاً لأستاذيته!

أية جامعة تلك وأي شباب؟ أقسم لقد كدت أنفض يدي من الجامعة وما تهدف إليه رسالة، ومن الشباب وما يبتغون من مثل. . إن رسالة الجامعة كما أفهمها هي أن تقدم دعائم الأخلاق لتنهض عليها صروح العلم وإن مثل الشباب كما أعلمها هي أن يستضيئوا بنور من هنا ونور من هناك، وعلى هذين يتوقف تقدير القيم والمصير!

ولابد من سؤال يجيش في الخواطر لتهجر به الشفاه: من المسئول عن هذا الإهمال في

<<  <  ج:
ص:  >  >>