تكوين مثل عليا من الأخلاق في نفوس الجامعيين؟ سيقول أناس إنهم الآباء. . هذا حق ولكنه ليس كل الحق، لأن هناك رجالاً يتحملون من تلك المسئولية أوفى نصيب، ونعني بهم الأساتذة الذين وكلت عليهم مهمة الإشراف الثقافي على هؤلاء الشباب. ويدخل الواحد منهم إلى قاعة المحاضرات وليس في جعبته غير شيء واحد، هو أن يلفي على الطلاب درساً في الطب أو درساً في الأدب أو درساً في الاقتصاد أو القانون، وتلك في رأيهم هي الأمانة العلمية، ولكن أين الأمانة الجامعية؟ الأمانة التي تصرخ في وجوههم بأن الجامعة ليست تثقيفاً بالعلم وإنما هي إلى جانب ذلك تهذيب بالأخلاق؟!
إن الجامعة هي مرحلة الإخراج إلى الحياة، مرحلة الإعداد للمستقبل، مرحلة التهيئة لخلق جيل يفهم ما له من حقوق ويؤدي ما عليه من واجبات، وتلك أمور لا يجدي فيها التلقين الذي ينشئ بناء العقول ما لم يقترن بالتوجيه الذي يصقل معادن النفوس!
لو أدرك الأستاذ الجامعي أي أمانة في عنقه نحو الشباب الجامعيين، لما اقتصر على أن يدفع إلى رؤوسهم بدروس الأدب والعلم والفن، وهم محتاجون إلى من يبث في نفوسهم معاني الحق والخير والجمال. . . إن علماً بغير خلق لهو سلاح مفلول في معركة المصير، وأسلوب منبوذ في لقاء الناس، وسراب نضلل في صحراء الحياة، وهذه هي الحقائق السافرة التي توجب أن يعلمها شباب الجامعة في هذه الأيام!!
حول مكتبة الإسكندرية:
في العدد (٨٥٣) من الرسالة، وجه الأستاذ الفاضل كمال السيد درويش المدرس بالرمل الثانوية كلمة حول مكتبة الإسكندرية، ثم بقيت الكلمة حتى الآن في انتظار التعقيب ولعل الأستاذ صاحب الكلمة قد أدرك الظروف التي نشرت فيها كلمته وحالت بيني وبين الرد عليها في ذلك الحين، وهي الظروف التي أحاطت بوفاة الشاعر الصديق علي محمود طه، وفرضت على ذلك الدراسة المطولة لشعره قياماً بواجب الوفاء.
وأعود اليوم إلى لفتة الأستاذ درويش، لأن موضوعها ليس موضوع الأمس حتى تنتهي بانتهائه، ولكنه موضوع الأمس واليوم والغد بلا جدال.
(أردت النظر في ميثاق جامعة الأمم العربية وفي ميثاق هيئة الأمم، وقراءة بعض ما كتب من تعليق عليهما فتوجهت بطبيعة الحال إلى مكتبة الإسكندرية فهل وجدت من ذلك شيئاً؟