كلا! بل خرجت منها وأنا أتساءل فيما بيني وبين نفسي: أيتجشم الإنسان مشقة الانتقال وضياع الوقت في الذهاب إلى المكتبة العامة ليقرأ رواية (اللص الظريف) أو (المرأة الغادرة)؟ وأين إذن أستطيع قراءة الوثائق والكتب العلمية إن لم أجدها في المكتبة العامة؟ ولم أطلب شيئاً عسيراً بل شيئاً مشهوراً لا تخلو من الحديث عنه صفحات الجرائد كل يوم. ثم دعاني داعي الإنصاف إلى الاعتذار عن المكتبة بعد ظهور كتب تتناول نشر الميثاقين أو الحديث عن الهيئتين. وأردت التأكد بنفسي فما هي إلا جولة حتى خرجت من عند بائع الكتب وأنا أتأبط كتابين، ولشدة حاجتي للإلمام بالموضوع دفعت فيهما ما يقارب من جنيهين.
وتساءلت مرة أخرى ألا يتمكن الفرد من معرفة ما يعرض له أثناء البحث على كثرة ما يعرض له إلا إذا كان يملك الوسيلة غلى الشعراء؟ وإذا كان الأمر كذلك، فإلى أي حد تتحمل مالية الإنسان مهما عظمت تكاليف الكتب مع تعددها وارتفاع أسعارها!؟
وإذا كانت وزارة المعارف سامحها الله قد ألجأتنا بإقفار مكتباتها المدرسية إلى المكاتب العامة، فلا أقل من أن نجد لدى الأخيرة بغيتنا وإلا فنحن المبتدئين بالحجة التي لا تدفع عنهم لوم اللائمين ثم لنسلكهم بعد حين في عداد الجاهلين حقاً أنه لموضوع يستحق من قلم صاحب (التعقيبات) تعقيباً يكون له عند المسئولين صداه، عسى أن تستأنف المكاتب العامة سيرها في ركب الحياة).
هذه المشكلة التي يعرضها علينا الأستاذ درويش، هي كما قلت لك مشكلة الأمس واليوم والغد، وكل ما نملكه هو أن نعرضها بدورنا على من بيدهم أمر المكتبة العامة بالإسكندرية عسى أن يترفقوا بجيوب الراغبين في العلم والساعين إلى المعرفة، أولئك الذين نحن رؤوسهم غلى المعلومات وتفتقر جيوبهم إلى الجنيهات. . . الجنيهات التي لا يستطيع بغيرها الحصول على الكتب في هذه الأيام!
أما نحن فيما يختص بأمر المكتبات المدرسية فإن نقص الكتب النافعة فيها ليدعو إلى الأسى والأسف. . . ترى هل يستجيب معالي الدكتور طه حسين بك لرجائنا فيخص تلك المكتبات بشيء من رعايته؟ إننا نخاطب فيه الشخص الأديب قبل شخص الوزير، وفي يد الشخصيتين مزية التقدير والتنفيذ على كل حال!