للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(الأهرام) الأستاذ عمر عبد العال يوسف، إذ دعا إلى اتخاذ اللغة العربية السليمة لساناً للخطاب وللتعليم في المدارس، وعالج الموضوع علاجاً تربوياً منطقياً حسناً. وقد ردد الدعوة بعده آخرون، وكتب الأستاذ علي الجندي ذاهباً إلى أن اتخاذ الفصحى أداة للخطاب بين الناس غير ممكن.

وأحب أن أحصر الكلام هنا في نقطة أراها هامة في هذا الموضوع عرض لها الأستاذان الأنفان، إذ ندد الأول بالسخرية ممن يتحدث باللغة العربية الفصيحة ولا سيما المعلمون في المدارس، واتخذ الثاني هذه السخرية سبباً لما رآه من أن هذه المحاولة مخفقة، واستدل بأمثلة مأثورة عن بعض من التزموا التكلم بالفصحى كالشيخ حمزة فتح الله، فسخر منهم الناس. والواقع أن الناس كانوا محقين في هذه السخرية، لأن أولئك المتفصحين كانوا ينطقون ألفاظاً غريبة تدعو إلى الضحك والسخرية حقاً، ومن هنا جنوا على اللغة من حيث أرادوا أن يحسنوا إليها، ومن دواعي السخرية أيضاً بعض المشايخ الذين كانوا ينطقون القاف من أقصى الحلق في كلمات عامية. . . وقد تغيرت هذه الروح، بانقراض هذه الصور، وبانتشار التعليم ووسائل الاتصال بالجمهور، التي تتخذ الفصحى أداة للتعبير. فصار التحدث ببعض العبارات الفصيحة من المظاهر الدالة على الثقافة والأناقة اللسانية.

وإذا كنا نتحدث باللغات الأجنبية في بعض المواطن فإن مما يؤسف له أن الحديث الكامل باللغة العربية لا يوجد في مجلس من المجالس، حتى مجالس المثقفين والأدباء، بل إن كثيراً من هؤلاء يخطبون ويحاضرون بخليط من العامية والعربية، وأهم أسباب ذلك، التهاون، لا العجز؛ ولو أننا اهتممنا بأن نتخاطب ولو في بعض الأحيان بهذه اللغة التي تقرؤها ونكتبها لجرى عليها اللسان واستعذبها وإن تعثر في أول الأمر.

عباس خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>