ويمضي الغزالي عام خمس بعد الخمسمائة والعالم الإسلامي في لهفة إلى مفكر يقف إلى أر سطو في منطقه موقفاً أكثر إرضاء وأقوى إشباعاً، فقد انطوت النفوس على شيء لم تملك برهاناً يغلبه وحجة تزلزله، ومضت مع راسخ ما تؤمن به وتعتقد تغالب ما يوسوس به الفكر ويهمس، وهي لا تجد بين يديها مفكراً يواجه أر سطو ويقف له.
وفي عام واحد وستين وستمائة من الهجرة ظفرت (حران) بمولود أسمه أحمد، لم يكن العالم يقدر أن فيه البغية المنشودة، ولكنه ما شب وترعرع وبدهت بوادهه حتى علقت به الآمال في ذلك المصال، ولم يكن غير أبن تيميه.
ومن قبل أبن تيميه كلف أبو البركات البغدادي بمحاجة أر سطو في منطقه وصال معه صولات. وتكاد تظفر بأول فرسان هذا الباب، وكتابه المعتبر فيه الكثير من هذه المواقف.
إلا أن ابن تيميه، وإن جاء لاحقاً، يكاد يكون المحجاج المعول عليه والند المكافئ، وبودي أن أشرك القارئ معي فيما أفدت، ولكني لم أجد في صفحات الرسالة ما يسعف، وحسبي من ذكره ما يحفز كل مفيد أن يرجع إليه، ليعرف عن أبن تيميه ما عرف لأر سطو.