وحكومة أم جندب الطائية بين أمرؤ القيس وعلقمة الفحل الشاعرين، وتفضيلها علقمة على زوجها امرئ القيس، مشهورة ولا داعي لذكرها، فلها حديث آخر إن شاء الله.
ومر امرؤ القيس بكعب أخويه الغضبان والقعقاع، فانشدوه فقال إني لأعجب كيف لا تمتلئ عليكم ناراً جودة شعركم، قسموا بني النار.
وروى المرزباني في كتابه (الموشح) إن الزبرقان وعمرو وبن الأهتم وعبدة بن الطبيب والمخبل السعدي تحاكموا إلى ربيعة بن حذار الأسدي الشاعر في الشعر، أيهم أشعر، فقال للزبرقان: أما أنت فشعرك كلحم أسخن؛ لا هو أنضج فأكل، ولا ترك نيئا فينتفع به. وأما أنت يا عمرو فإن شعرك كبرود حبر يتلألأ فيها البصر، فكلما أعيد فيها النظر، نقص البصر. وما أنت يا مخبل فإن شعرك عن شعرهم وأرتفع عن شعرهم وارتفع كمزداة أحكم خروها فليس تقطر ولا تمطر.
كما روي أيضاً أن هؤلاء الشعراء اجتمعوا في موضع، فتناشدوا أشعارهم؛ فقال لهم عبدة! والله لو أن قوما طاروا من جودة الشعر لطرتم، فأما أن تخبروني عن أشعاركم وإما أن أخبركم؛ قالوا: أخبرنا، قال: فإني أبدأ بنفسي: أما شعري فمثل سقاء شديد وغيره من الأسقية أوسع منه، وأما أنت يا زبرقان فإنك مررت بجزور منحورة فأخذت من أطايبها وأخباثها
إلى غير ذلك من مواقف النقد والنقاد للشعر في العصر الجاهلي؛ والتي لا تخرج عن الاستحسان والاستهجان لشعر والشعراء.
٣ - وجاء الإسلام فكان له ولرسوله الكريم موقف جليل من الشعر الجاهلي، أنكر بعضاً وعرف بعضاً؛ أنكر هذا الشعر الذي ينافي الأخلاق الكريمة والمثل العليا، من الغزل الفاحش، والمجون الخليع، والهجاء الكاذب، والمدح المغرق، والفخر الممعن في الغلو والمبالغة؛ وعرف هذا الشعر الذي يدعو إلى الفضائل والأخلاق والدين، ويحث على الأدب والطموح وأداء الواجب وحب الجماعة والتضحية في سبيل الأمة والإنسانية؛ فكان هذا