المتوفي ٢٧٦هـ والمبرد م ٢٨٥هـ وابن المعتز م ٢٩٦هـ.
يقول ابن قتيبة في أول كتابه الشعر والشعراء:(ولا نظرت إلى المتقدم بعين الجلالة لتقدمه، ولا للمتأخر بعين الاحتقار لتأخره، بل نظرت بعين العدل إلى الفريقين، وأعطيت كلا حقه، ووفرت عليه حظه؛ فإني رأيت من العلماء من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله، ويضعه موضع متخيره، ويرذل الشعر الرصين ولا عيب عنده إلا أنه قيل في زمانه، ورأى قائله، ولم يقصر الله الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص به قوم دون قوم، بل جعل ذلك مشتركاً مقسوماً بين عباده وجعل كل قديم منهم حديثاً في عصره، فقد كان جرير والفرزدق والأخطل يعدون محدثين، وكان أبو عمر يقول: لقد نبغ هذا المحدث وحسن حتى لقد هممت بروايته.
قال المبرد: ليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحد ثان عهد يهتضم المصيب، ولكن يعطي كلاما يستحقه.
وأنكر ابن المعتز عصبية هؤلاء النقاد للشعر القديم وذمهم لشعر المحدثين، وقال أنها عيب قبيح، ومن فعل ذلك إنما غض من نفسه وجعل هذا ناشئاً عن جهل بنقد الشعر وتمييزه.
وكان الجاحظ هو السابق إلى إقامة نقد الشعر على أسس فنية خالصة، وحارب هذا التعصب الممقوت للقديم لقدمه، وآراؤه في ذلك كثيرة في (البيان والتبيين) و (الحيوان) وسواهما، ففي (الحيوان) ينكر الجاحظ على المتعصبين للقديم فعلهم فيقول: ولو كان لهم بصر لعرفوا موضع الجيد ممن كان وفي أي زمان.