العرب الكلمة المعربة ولم ينطقوها كما هي في لغتها ألم يكن ذلك ضرورة لسانية لعدم قدرتهم أو اهتمامهم بصحة النطق الأعجمي؟ وقد كانوا يفعلون ذلك بأسماء الناس والبلدان وسائر الأشياء. أما نحن فإننا نهتم بنطق اللغات الأجنبية ونجتهد في إجادتها، فلماذا إذن نعرب الكلمة الأجنبية؟ وما هي الضرورة الداعية إلى ذلك؟ ولماذا نقصر التعريب إذا كان له وجه على أسماء الأشياء دون أسماء الرجال والنساء والبلدان التي ننطقها كما هي ولم يفكر أحد أو لم ير أحد موجباً لتغييرها بتعريب أو غيره؟
إن حياة اللغة في تراكيبها وجملها، وليس يضيرها، بل يفيدها أن ننطق ونكتب الأسماء والأعلام والمصطلحات الأجنبية كما وضعها أصحابها، فإذا قلت سمعت الراديو، أو تحدثت بالتليفون، أو قدم المستر سميث: من لندن، فإنك تتكلم كلاماً عربياً فصيحاً لا شك في ذلك. ومن الصور العجيبة والمضحكة لذلك التشدد في اللغة، أن معلم الإنشاء في المدارس لا يقبل من التلميذ أن يكتب الراديو والتليفون والسينما، فإذا وجدها في الموضوع بدل بها المذياع والمسرة والخيالة. ووزير المعارف الحالي معالي الدكتور طه حسين يكتب الراديو والتليفون والسينما، فهل يخطئ التلميذ إذا كتب مثل وزير المعارف؟