حماية السلطة القائمة المخولة لن يقدم شيئاً في مجال التعليم، بل مصير ذلك خسارة في الوقت، وتقهقر إلى الوراء.
حقاً إن مصر قد درجت منذ كانت على الاستقرار أو بحكم أوضاعها، ومع ذلك فهي بحاجة إلى الأناة في استخلاص (الجوهر النفسي) من خاماتها التي تألفت منها وحدتها، وصيغ كيانها على مر السنين وتوالي الأحكام، وليس ما يمنع من الاقتباس ولكن بكل بحذر، ومن غير ارتماء في أحضان الأنظمة التي ترضي الثقافة الخاصة، والهوى الشخصي.
ولن تعوزنا بعد ذلك سبل الاختيار وبرامج التنفيذ، مادمنا نعترف بأننا أمة شرقية للفرعونية والإسلامية في دمائنا كرات حمراء وبيضاء، وللحضارة الحديثة أصداء غير شلاء.
أن التفاهم على معالي الأمور من أشرف ما تتسم به الروح الديمقراطية إن لم يكن من أقدس الواجبات الوطنية التي تتعالى على الأهواء والأشخاص.
وعلى هذا السنن درج السلف الصالح من الملوك والمربين (وأمرهم شورى بينهم) وليس أدل على هذا من كتاب هارون الرشيد إلى علي بن الحسن معلم ولده الأمين وفيه يقول (ولا تمعن في مسامحة فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالغلظة والشدة) وهكذا كان الملوك شركاء للمعلمين في تربية الأمراء. وهكذا يجب أن تتعاون جميع المصادر لوضع سياسة الاستقرار في التعليم وإلا فالنتيجة اللازمة مجرد آراء وردود وتعليقات وتحزب وتعصب، وتشكيك للرأي العام، وضياع للأجيال القادمة بينما أهل العقد والنقد بمنأى عن الأمر الخطير.