وارتجت القرية كلها لما كان فأنساب سيل من أهلك إلى داركم يستجلي الخبر وينحي باللائمة على أبيك الذي نسى أبوته ساعة من زمان، على حين قد صننت أنت بكرامته أن تخدش، وصنت كبريائه عن أن تتضع.
ودخل خالك داركم وقد أربد وجهه واضطربت أعصابه وحبس الغضب لسانه. . . دخل وهو يعجب مما سمع، وفي رأيه أن أباك رجل عقل وين لا ينحط أبداً غلى هذه الهاوية.
دخل خالك الدار التي لم يدخلها منذ أن ماتت أخته الصغيرة العزيزة أمك، دخلها هائجاً يهدر، فبدت له صورة أخته الصبية الشابة وهي تضطرب في أرجاء الدار جميلة نشيطة جذابة، فاستحال غضبه إلى حزن عميق يخز قلبه وخزوات قاصمة. ولكنها الآن تبدو في خياله لكي تفزعه بالنواح وتستحثه بالأسى؛ فاستشاط غيظاً وثورة.