الأدبي مثل: نقد الشعر لقدامة م ٣٢٧هـ، وأخبار أبي تمام للصولي م ٣٣٦هـ، والموازنة للآمدي م ٣٧١هـ، وإعجاز القرآن للباقلاني م ٤٠٥هـ، والوساطة للجرجاني م ٣٩٢هـ؛ كما ظهر في القرن الخامس: ابن رشيق م ٤٥٦هـ صاحب العمدة، وابن سنان الخفاجي م ٤٦٦هـ صاحب سر الفصاحة، وكتاب الأسرار والدلائل لعبد القاهر الجرجاني م ٤٧١هـ.
وكان النقاد في هذين القرنين يسيرون على نهج الجاحظ، فلم يتعصبوا للشعر الجاهلي لتقدم زمنه، ولم يميلوا على المحدثين لتأخر عصرهم؛ بل حكموا الذوق وحده في كل شيء؛ حتى لقد وقفوا معددين لأخطاء الجاهليين، كما فعل الآمدي والجرجاني وابن رشيق وسواهم، قال الآمدي في كتابه الموازنة:(وما رأينا أحداً من شعراء الجاهلية سلم من الطعن ولا من أخذ الرواة عليه الغلط والعيب)؛ وقال صاحب الوساطة في أول كتابه:(ودونك هذه الدواوين الجاهلية والإسلامية، فأنظر هل تجد فيها قصيدة تسلم من بيت من أبيات لا يمكن لعائب القدح فيه إما في لفظه ونظمه أو ترتيبه أو معناه، أو إعرابه، ولولا أن أهل الجاهلية جدوا بالتقدم، واعتقد الناس فيهم أنهم القدوة والأعلام والحجة لوجدت كثيراً من أشعارهم معيبة مسترذلة ومردودة منفية؛ لكن هذا الظن الجميل، والاعتقاد الحسن ستر عليهم، ونفى الظنة عنهم، فذهبت الخواطر في الذب عنهم كل مذهب، وقامت في الاحتجاج لهم كل مقام)، ولو تصفحت ما تكفله النحويون لهم من الاحتجاج، وتبينت ما راموه في ذلك من المرامي البعيدة، وارتكبوا لأجله من المراكب الصعبة، التي يشهد القلب أن المحرك لها والباعث عليها شدة إعظام المتقدم، والكلف بنصره ما سبق إلية الاعتقاد والفته النفس)؛ وأزري الآمدي والجرجاني بوقف بعض النقاد المتعصبين على المحدثين كالأصمعي الذي أنشده إسحاق الموصلي:
هل إلى نظرة إليك سبيل ... فيروي الصدى ويشفي الغليل
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثير ممن تحب القليل
فقال: لمن تنشدني؟ فقال: لبعض الأعراب، فقال: هذا والله هو الديباج الخسرواني، فقال إسحاق: إنها لليلتهما. فقال الأصمعي: لا جرم والله أن أثر الصنعة والتكلف بين عليهما؛ وكابن الأعرابي الذي أنشده بعض الناس شعراً وهو لا يعرف قائله فأعجب به إعجاباً