قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
نقداً طويلاً، وهو أول نقد مفصل لقصيدة من الشعر العربي.
٨ - وفي العصور الوسطى ضعفت الملكات وعقمت الأذواق وتعصب العلماء والأدباء للشعر القديم لقدمه، فكانوا يحيطون الشعر الجاهلي بهالة من التقديس والجلالة ولا يردن أحداً أحسن مثل إحسان الشعر الجاهليين ولا أجاد إجادتهم، ورأوا معصومين من الخطأ والعيب والنقد، واستمر هذا المذهب سائداً حتى العصر الحديث.
٩ - وفي العصر الحديث تفاوتت ثقافات الأدباء والنقاد، فوقف أولو الثقافات العربية الخالصة موقف الإعجاب والتقدير البعيد للشعر الجاهلي، وهب جماعة من أولي الثقافات الأوربية يطعنون على الشعر الجاهلي ويرمونه حيناً بالضعف والتفكك، وحيناً بأنه منتحل مختلق. ومن الحق أن بعض نقد هؤلاء كان عادلاً منصفاً، وأما الكثير منه فكان مغالى فيه.
عاب العقاد على الشعر الجاهلي أنه لا يصلح أن يكون نموذجاً يقتدي به في النظم لأنه في الغالب أبيات مبعثرة تجمعها قافية واحدة يخرج فيها الشاعر من المعنى ثم يعود إلية ثم يخرج منه على غير وتيرة معروفة ولا ترتيب مقبول، وأن فيه غير التفكك وضعف الصياغة كثيراً من العيوب العروضية والتكرير الساذج والاقتسار المكروه والتجوز المعيب الذي يؤخذ من روايته أن الشعر لم يكن فناً استقل به صناعة الخبيرون به، وإنما كان ضرباً من الكلام يقوله كل قائل ويرور المحكم منه وغير المحكم على السواء، فنراه يعيبه بما يلي:
١ - ضعف وحدة القصيدة، ونحن في الرد على هذه الكرة نكتفي بهذين الكلمتين: قال نولدكه المستشرق الهولندي المشهور، (وفي أحوال كثيرة يحتفظ الشاعر الجاهلي بوحدة الفكرة في قصيدته بأن يجعل كل قسم من أقسامها خاصاً يوصف مناظر وحوادث من حياة الشاعر نفسه أو الحياة العامة التي يحياها البدوي في الصحراء؛ وقال جميل صدقي الزهاوي الشاعر المجدد: (وهناك شيء يستحبه الذين تشبعت أدمغتهم بالأدب الغربي، هو وجوب أن تكون القصيدة الواحدة خاصة بفكرة واحدة، أو وصفاً لشيء واحد، من غير