للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بهم في البحر، أرسل رسالة إلى أسامة، يقول فيها:

فلو أن نور الدين يجعل ... فعلنا فيهم مثالاً

ويسير الأجناد جهراً، ... كي ننازلهم نزالاً

وبقي لنا ولأهل دو ... لته بما قد كان قالا

لرأيت للأفرنج طرا ... في معاقلها اعتقالا

وتجهزوا للسير نح ... والغرب أو قصدوا الشمالا

وقام أسامة بدوره من تحريض نور الدين على الغزو والاجتماع على رأي الملك الصالح، فكتب إليه أسامة يقول:

بلغ العبد في النيابة والتح ... ريض، وهو المفوه المقبول

فرأى من عزيمة الغزو ما كا ... دت له الأرض والجبال تميل

وكان رأي أسامة كرأي الصالح في الاجتماع، ووحدة الكلمة، ومضى الملكين معاً إلى الحرب، وقصائده إلى الملك الصالح تحث على هذا التضامن والاتفاق، ولكن ذلك لم يخرج عن حد الأماني، ولو أنه نفذ يومئذ فربما كان قد تغير مجرى التاريخ.

كانت رسائل الملك الصالح إلى أسامة كثيراً ما تصف له ما نزل بالقدس من محن على أيدي الصليبيين، وما اتصف به هؤلاء من الغدر الذي لا يحول بينهم وبينه هدنة تعقد، ولا عقد يبرم، وكثيراً ما تحدثت الرسائل عن وقائع الصالح في الفرنج، وغزواته لهم.

ومضت قصائد أسامة تحمل الثناء على الملك الصالح، وتشكر أياديه، وكان الصالح يبره، ويرسل إليه خيره، ولم يكن أسامة يجد عضاضة في سؤال الصالح ولا الشكوى إليه، كتب إليه مرة يقول:

أشكو زماناً قضى بالجور في، ولم ... يزل يجور على مثلي ويعتسف

لحت نوائبه عودي، وأنفد مو ... جودي، وشتت شملي وهو مؤتلف

وقد دعوتك مظلوماً مرتجياً ... وفي يديك الغنى والعدل والخلف

ومن شكر أسامة له قوله:

والندى طبعك الكريم، فما أهـ ... ني نوالاً تنيله وتثيب

جاءني والبعاد دوني كما جا ... بت فيافي البلاد ريح موهوب

<<  <  ج:
ص:  >  >>