للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أدب المجون

تناول أستاذنا الجليل صاحب الرسالة في مقالاته الأخيرة الحديث عن (أدب المجون)، فعرض ألواناً من هذا الأدب الماجن، وقص علينا كيف كانت نهاية الشعراء والكتاب الماجنين، كبشار، وأبي نواس من شعراء العرب، وأوفيد من شعراء الرومان، وبودلير من شعراء فرنسا، فقد وجد هؤلاء الشعراء من يردعهم، ويحارب مجونهم، وضلالهم!

وأحب أن أعقب على هذه الأحاديث القيمة بكلمة أعرض فيها لوناً آخر من أدب المجنون، سرت عداوة في صحفنا ومجلاتنا العربية على نحو نشفق منه على الأخلاق، وندعو إلى محاربته درءاً لشروره وآثامه. . .

هناك صحف ومجلات تعتنق هذا المبدأ الماجن، فتملأ صحفها بالمواد التي تخرج القارئ من مطالعتها بدون ثمرة. . . لأنها تدور حول محور واحد. . . هو (المجون)!

ولقد كفت الصحف والمجلات المصرية زمناً من نشر الصور العارية إثر ضجة أثارها الغيورن على الأخلاق من أنصار الفضيلة، ولكن الكثيرين عادوا لما نهوا عنه، فتطالعنا الصحف على اختلاف نزعاتها الحزبية، بالصور الخليعة، تشغل جانباً كبيراً من أعمدتها قد تضن به على مقال أدبي، أو بحث علمي، أو موضوع اجتماعي يعالج مشاكلنا الاجتماعية الآخذ بعضها برقاب البعض!

ولقد جمعني مجلس ببعض أصحاب هذه الصحف ومحرريها، وأبديت لهم وجهة نظري ولكنهم أكدوا لي أنهم إنما يرضون قارئهم!!

إنهم يقولون إن القارئ لا يرضيه أن يشترى مجلة إلا إذا عرف أن هذه المجلة تعني بنشر الصور (اللطيفة)! وفي وسعهم إرضاء قارئهم - الذي يحرصون على إرضائه وتنويع المواد. . . والابتكار في اختيار الموضوعات الطريفة التي لا يملها!

ونعم. . . في مقدورهم أن يرضوا قارئهم فيقدمون له المواد الدسمة، والأبحاث الطريفة، والتحقيقات الصحفية التي تكشف له عن حقائق يجهلها. . . بدلاً من الهبوط بالصحيفة إلى هذا الدرك الأسفل من الانحطاط الخلقي، وحسبنا ما نعانيه من انحلال الأخلاق، وتدهور القيم الخلقية!

<<  <  ج:
ص:  >  >>