للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأوقات.

ويمكننا القول بأن معظم مراتب الإجماع ليست حجتها قاطعة ويجوز مخالفتها وعدم الأخذ بها خلافاً لما يظنه كثير من المسلمين. فالاختلاف الشريف في الرأي أمر لا يستوجب مؤاخذة صاحبه. وقد ورد عن الرسول أنه قال (خلاف أمتي رحمة للناس) وإن زعم بعض المحدثين أن هذا الحديث ضعيف إلا أنه ينطبق على الواقع، ففيه وصف بأن الاختلاف في الرأي رحمة إذ أن ذلك يشجع الناس على استعمال ملكة العقل للبحث وراء الحقيقة، وقد اختلف الصحابة أنفسهم في الرأي. وهناك من الحوادث ما جهر بها الشخص الواحد بكل جرأة في مخالفته لرأي الجماعة. فقد ورد عن أبي ذر قول خالف فيه رأي الصحابة جميعهم ومع ذلك لم يقل أحد بأنه قد ارتكب إثما لمخالفته رأيه للإجماع. وقد شجع الرسول المجتهدين في الرأي بأن لهم جزائهم عند ربهم حتى ولو أخطئوا فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد واخطأ فله أجر واحد.

الاجتهاد ثلاث مراتب

يقول الفقهاء المتأخرون بأن الاجتهاد على ثلاث مراتب ولو أن ذلك ليس له أصل في الكتاب والسنة أو كتب الأئمة الأربعة. وهي اجتهاد في الشرع، واجتهاد في المذهب. واجتهاد في المسائل. والاجتهاد في الشرع قاصر على القرون الثلاثة الأولى. وقد اختص بها الأئمة الأربعة الذين وضعوا القوانين الشرعية كلها وفق ما نقل عن الصحابة والتابعين. وطبيعي أنه لم يذكر صراحة أن باب الاجتهاد في هذه الناحية قد أقفل بعد القرن الثاني للهجرة إلا أنه قيل أن الشروط اللازمة لمثل هؤلاء المجتهدين لم تتوفر لأحد بعد الأئمة الأربعة. وقيل أيضاً أنها لن تتوفر لأحد بعدهم حتى يوم القيامة. وهي وجوب أن يكون المجتهد محيطاً بالكتاب متناً ومعنى وحكماً وأن يكون محيطاً بالسنة كذلك متنا وسنداً عالماً بحال الرواة، وأن يكون محيطاً بالقياس قادراً على استنباط علل الأحكام من النصوص الخاصة والعامة. وليس هناك من سبب يدعو إلى القول بأن هذه الشروط لم تتوفر إلا قي الأئمة الأربعة في القرن الثاني للهجرة.

وذكروا أن الاجتهاد في المذهب مختص بمحمد وأبي يوسف من اتباع أبي حنيفة. وزادوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>