للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شعرهم لذة وجمالاً وأخذنا نقبل عليه يزيدنا شوقاً إليه أن فيه الروح العربي الصميم مما لا نكاد نجد له المثيل في الإغراق في الشعر العربي الحديث نظراً لتأثر هذا الأخير بالثقافة الحديثة والتطورات الزمنية والبيئة الموجهة

على أننا نجد أن هنالك في حضرموت ككل بلد عربي شعراً شعبياً يدعى (بالشعر الحميني) وهذا النوع ينتشر في حضرموت ويرتقي ويجد رواجاً كبيراً، غير أنه أيضاً قد تأثر إلى حد بعيد بالصبغة العربية القوية للشعر الحضرمي، فلولا اللهجة وتحريفها وأساليبها لأضحى شعراً حضرمياً قحاً.

ثم إننا نلحظ شيئاً هاما في الشعر الحضرمي وذلك هو الصبغة الصوفية والنزعة الفقهية، ونحن لو درسنا الشعب الحضرمي وبيئته واتجاهاته نجد أن هذه الصبغة وتلك النزعة متأصلتان فيه، بارزتان واضحتان في أفكاره ومناحيه، فلا غرابة أن يبرزها إلى درب الشعر لتجد مسلكاً جميلا للبدو والانتشار، ولا غرابة أن يبديهما في ثوب الشعر لتستطيعا أن تجدا طريقهما إلى التأثير الصحيح والفائدة المطلوبة منهما، ولكن هناك فارقا هاما بين هذه الصبغة وتلك النزعة في الشعر الحضرمي وبينهما في الشعر العبي القديم؛ ذلك لأنهما في الشعر الحضرمي لا يزيدان على كونهما غلالة شفيفة تعكس هذا الشعر دون أن تطغى على لباس اللفظ ورداء الشعر وإن طغت في بعض الأحايين على رداء المعنى؛ وذلك لأن المعنى نفسه ليس في المرتبة الأولى إذا قسناه باللفظ في ذلك الشعر، فالمعنى لا يهتم به كثيراً سواء أضاعه اللفظ أو غشته غلالة الصوفية وكسته النزعة الفقهية. . .

لكننا مع ذلك لا نستطيع أن نغمط الشعر الحضرمي حد الواضح في بلوغ ذروة عالية حين يحدثنا عن الألم ودواخل النفس وتأثرات الشعور فإنه بهذا يجمع إلى جمال الوشي استثارة المشاة ويضفي على الوصف الدقيق وعلى تصوير الدواخل والدوافع والاحساسات جميل اللفظ وبديع الأسلوب فيأتي بشعر جميل يقرأه المرء فيجد فيه صدقاً وإخلاصا في التصوير وتشويقاً في العرض وجلالا وجمالا في الإدلاء والإبداء.

ويقول لشعر الحضرمي في كل الأغراض التي قال فيها الشعر القديم، ويهمه أن يدلف درب ذلك الشعر ويحذو حذوه، ولا ينسى في بعض الأحايين أو يشاركه في الدمن والإطلال والاهتمام بالتجريد وذكر الآلات والأشياء المحيعة من بيئة الحضرمية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>