تعليمها وجهلها بأمور الحياة وعدم اختلاطها بالناس، تحفظها من الزلل وتصونها نقية طاهرة، وهو يعتزم أن يتزوج منها، فيأمن شر النساء المتعلمات المجربات. . . ولكن القدر يسوق إليه أو إليها فتى وسيما في مستهل الشباب، يتصل بها، ويساعد جهلها (وخاميتها) على أن تسعفه بالوصال وتلبي نداء الهوى وهي لا ترى في ذلك أي شيء غير طبيعي. ويصعق الرجل ويحاول أن يحول بين الشاب والفتاة في غير جدوى. وينتهي الأمر بأن يظفر الفتى بفتاته ويتركا الرجل في حسرته.
ويظهر لي أن موضوع المسرحية كان يتجه إلى تصوير غدر النساء وكيدهن وعدم استطاعة التخلص مما يدبرن. ولكن الإخراج وجهها بعض التوجيه نحو قضية أخرى، هي قضية القلب الإنساني والطبيعة البشرية، فإن الفتاة لم تلتفت إلى الشيخ الذي رباها في بيته ولم تعر حبه أي اهتمام، وجذب الشباب بصرها وغزا فؤادها، فتفتح قلبها، وتفتق عقلها، حتى غدت تحسن التحلل والتدبير من أجل الاتصال بحبيبها الشاب، وكان نصيب الخيبة والإخفاق، لأنه أراد أن يقف في وجه الطبيعة ويتعرض مجراها. وهذا الاتجاه هو الذي يوافق التفكير العصري ويتمشى مع تحليل البواعث النفسية التي لا تغير مجراها الحكم والمواعظ.
ولكن المسرحية مع ذلك ظلت مشدودة إلى الفكرة الأولى بحبل أسلوب الحوار وهو الزجل، وكانت تلك الفكرة (كيد النساء) أقرب إلى الأذهان في ذلك الزمن الذي وضعت فيه المسرحية. ومن هنا نرى جهد الإخراج الذي بذل في تحويرها حتى جاءت ملائمة للروح العصري.
وقد تتابعت فصول الرواية الثلاثة على المسرح في منظر واحد تحايل الأستاذ زكي طليمات على جعله منظرين: أحدهما داخل المنزل والثاني خارجه أمام الباب، وذلك بإسدال ستار يفصل الداخل عن الخارج، وبذلك كانت تنتقل الحوادث من أحد المكانين إلى الآخر انتقالا سريعاً يشبه الانتقال السينمائي، ولكني ألاحظ أنه جعل الرجل يلقي الشاب (الذي لم يكن يعرفه) وغيره من الناس أمام الباب، ويتحدث معهم حديثاً يطول ويقصر دون أن يدعوهم إلى الدخول إلا في المنظر الأخير. وأظن أنه كان يمكن أن يجعل الرجل والشاب يلتقيان في مكان آخر يبعد عن البيت كقهوة مثلا، ويكون ذلك أوفق من خارج المنزل الذي