بالنضوج الفكري والحنكة عند مواجهة الخطوب، ويقدرونه في قلوبهم وإن عجزت ألسنتهم عن إعلان هذه الشهادة. والآن قد أصبح المراغي في ذمة التاريخ، والتاريخ وحده هو الذي سينصفه ويظهر فضله ويبين عن شخصيته التي تمتع بها، ويبين مقدار قوة ذلك الإشعاع الذي كان ينبعث من نفسه، فيحيي الأمل عند بعض الناس في بلوغ الإصلاح وتحقيق ما كان يتمناه المخلصون منهم للإسلام والمسلمين.
ولكن الوفاء للعاملين واجب، فلو أنصف الأزهر شيخه لخلد ذكراه في مؤسسة نافعة تحمل أسمه. ولو عرف الأزهريون فضل شيخهم عليهم وعلى أزهرهم لاكتتبوا في مشروع نافع ينفق ثمرته على جهة خيرية تمجيداً للشيخ وتخليداً لذكراه. رحم الله الشيخ المراغي فلقد كان وفياً للناس، وقد كان من وفائه رغبته الصادقة في أن يخلد ذكرى أستاذه الشيخ محمد عبده فلقد جاء عنه في كتاب (الإسلام والتجديد في مصر) للدكتور تشارلز أدمز ما نصه (وكانت الصحف في سنة ١٩٢٩ أي أثناء مشيخته للأزهر تكتب كثيراً عن أمر كان له حسن القبول هو تخليد ذكر الإمام، إما بالاحتفاظ بمنزله في عين شمس، وإما بالقيام بأي عمل آخر من الأعمال التي تدل على التقدير القومي، وكان من المتفق عله بشكل عام أن أليق الناس للنهوض بهذا هو الشيخ المراغي إذ هو شيخ الأزهر، وله بالشيخ عبده صلات قوية قديمة.
رحم الله الشيخ المراغي رحمة واسعة وأنزله منازل الأبرار. . .