للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ أحمد ماضي فينشئان جريدة المؤيد يومية سياسية وطنية إسلامية. ثم لا يلبث الشريكان أن يختلفا، ولا يخرج أحدهما عن الشركة إلا على مال، والمال في يد الشيخ علي أقل من القليل. وهنا تحركت أريحية بعض كبار المصريين فأدوا المال عن الشيخ إلى صاحبه. وهكذا خلص المؤيد للشيخ علي يوسف. وكان للمرحوم سعد باشا زغلول في هذا سعي مشكور

وأذكر أنه لما أتى رحمه الله، بمطبعة جديدة من طراز (الروتاتيف) وعقد لذلك حفلاً جامعاً في إدارة المؤيد خطب في الجمع فأتى في سيرة المؤيد على هذه الحادثة، ونوه بفضل سعد بك زغلول (المستشار بمحكمة الاستئناف) الذي أبى أن يسمع هذه الخطبة إلا واقفاً.

وجرى المؤيد طلقاً، والله يعلم كم عانى الشيخ علي في إخراجه فرداً لا مسعد له من معين أو من مال. الحق أن الرجل لقد جاهد في هذا جهاد الجبابرة، وعانى عناء لو صوره القلم على حقيقته لظنه الناس من إحدى القصص التي تمثلها أخيلة الكتاب. وهكذا لم يمض زمن طويل حتى جنى ثمرة الصبر العجيب (إنَّ الله مع الصَّابرين) صدق الله العظيم

مضى المؤيد يحرره الشيخ علي يوسف، ويرفده بالمقالات البارعة أعيان أهل الرأي والعلم والأدب في البلاد من أمثال المرحومين الشيخ محمد عبده، وسعد بك زغلول، وقاسم بك أمين، وفتحي بك زغلول، وحفني بك ناصف، وكثير غيرهم من أصحاب البيان. وكانوا يسرون أسماءهم في الأحاديث السياسية، بوجه خاص، فذلك مما لا تأذن به المناصب الحكومية بحال. وكذلك أضحى المؤيد مجالاً لأفحل الأقلام وأنضج الآراء. بل لقد أضحى المدرسة التي تخرج عليها من شهدوا الجيل الماضي من أعلام البيان ويسير المؤيد، ويذهب صيته لا في مصر ولا في العالم العربي فحسب، بل في العالم الإسلامي كله، فلقد أصبح لسانه المعبر أفصح تعبير عن حقيقة حاله، والمترجم أنصح ترجمة عن آلامه وآماله، ومتحدث أخبار المسلمين وراويها، ومتلقي أفكارهم في قواصي الأرض وأدانيها

لا يرحل الناسُ إلا نحو حجرته ... كالبيت يفضي إليه ملتقى السبُل

وحسبنا هذا القدر الآن في المؤيد وفي صاحب المؤيد. وسنعاود الحديث فيه إن شاء الله تعالى أن نوفيه بعض حقه إن لم نوفه كل حقه. رحمة الله عليه.

عبد العزيز البشري

<<  <  ج:
ص:  >  >>