للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالكلام فتنتزع البيان انتزاعا. ولعل في بيان السيد جمال الدين الأفغاني، وهو غريب عن العربية، وقاسم بك أمين وهو شبه غريب عنها، أبين مثال على هذا الذي نقول. ولقد يعجب القارئ اشد العجب إذا زعمت له أن المرحوم حسين رشدي باشا، وكان رجلاً قل أن تطرد على لسانه ثلاث كلمات عربية متواليات، لقد كان أحياناً يرتفع بالعبارة إلى ما يتخاذل من دونه جهد أعيان البيان!

والآن أستطيع أن أزعم أن الشيخ علي يوسف، على أنه تعلم في الأزهر، وقرأ طرفاً من كتب الأدب، وأستظهر صدراً من مظاهر البلاغة في منظوم العربية ومنثورها - إلا أنه لم يكن مديناً في بيانه لشيء من هذا بقدر ما كان مديناً لشدة روحه وسطوة نفسه. وانك لتقرأ له المقال يخلبك ويروعك، وتشعر أن أحداً لم ينته في البيان منتهاه. ثم تقبل على صيغة تفتشها وتفرها، فلا تكاد تقع على شئ من هذا النظم الذي يتكلفه صدور الكتاب. وبهذا أنشأ الرجل لنفسه أسلوباً، أو على الصحيح لقد خط قلمه القوي نهجا من البلاغة غير ما تعاهد عليه الناس من منازع البلاغات

ولندع الآن بيان الشيخ علي وأثره، فلذلك موضع آخر من هذا الحديث. ونعود إلى تاريخ الرجل فنقول إنه ما كاد يستوي له ذلك القدر من الأدب حتى أنشأ مجلة دعاها (الآداب). وهي وإن لم تكن شيئاً يذكر بالقياس إلى المجلات التي كانت قائمة في ذلك العهد. وخاصة بعد إذ عفّى الزمن على مجلة روضة المدارس التي كان يقوم على تحريرها وإجالة الأقلام بروائع البيان فيها صدور العلماء والشعراء والكتاب

المؤيد

وإذا قلت (المؤيد) قلت شطر من تاريخ مصر محتفل بالأحداث العظام

راع أهل الرأي في مصر أن ليس لهذه الأمة، أعني للمسلمين وهم كثرتها الكثيرة. صفيحة تتحدث عنها وتدلى بحاجاتها. وتترجم عن أمانيها، وتذود عن حقوقها وكرامتها. وأن أمة ليس لها في هذا الزمان صحيفة، لهي أمة لا تحس لنفسها وجوداً. ولقد قوى الشعور بشدة الحاجة إلى صحيفة وطنية إسلامية بعد إذ صدر المقطّم صحيفة تظاهر الاحتلال الإنجليزي. وتروج للسياسة الإنجليزية في هذه البلاد، وتدفع في صدور الأماني القومية ما اعترضت تلك السياسة في يوم من الأيام. وهنا يتقدم الشيخ علي مع صاحب له يدعى

<<  <  ج:
ص:  >  >>