شبهتها لما بدت في صحنها ... بحقاق عاج قد حشين زبرجدا
راعي المنظر العام لهذه القطايف ورأى أن كل واحدة منها تبدو في شكل حق له لون العاج بداخله حشو يشبه الذهب الخالص. والشاعر الذي يقول:
وقطائف محشوة بلطائف ... طافت بها أكرم بها من طائف
شبهتها نضدت على أطباقها ... بوصائف قامت بجنب وصائف
لم ينظر إلى لون القطائف ولا إلى شكلها ولا إلى ما حشيت به بل نظر إلى الطريقة التي وضعت بها في الطبق ولذلك قال. (شبهتها نضدت على أطباقها)
ومنهم من تناول القطايف ولا هم له إلا التلاعب بالألفاظ وإظهار القدرة على استخدام المحسنات اللفظية والمعنوية. ومثال ذلك قول القائل:
وقطائف رقت جسوما مثل ما ... غلظت قلوبت فهي لي أحساب
تحلو فما ثعلو ويشهد قطرها ال ... فياض أن ندى علي سحاب
ففي البيت الأول يصور القطائف رقيقة تكاد تشف عما تحتها. وقد بولغ في حشوها. والبيت الثاني قصد به المدح بالكرم لا أقل ولا أكثر.
ومنهم من جمع بين الكنافة والقطايف، ومن ذلك قول القائل:
وقطائف مقرونة بكنافة ... من فوقهن السكر المدرور
هاتيك تطربني بنظم رائق ... ويروقني من هذه المنثور
والظاهر أن المائدة التي جلس عليها هذا الشاعر كانت في منزل أحد الأغنياء لأنها جمعت بين الكنافة والقطائف، وهذا لم يكن متيسراً في ذلك الوقت ألا للأعيان وأصحاب الجاه. وقد رقص الشاعر طرباً، وكاد يطير من الفرح والسرور حينما رأى الكنافة وبجانبها القطائف. فأخذ يمد يده إلى هذه مرة وإلى تلك أخرى حتى ملا معدته.